الزركشي: ويشهد له قول النحاة إن الصفة في المعرفة للتوضيح نحو زيد العالم، وفي النكرة للتخصيص نحو مررت برجل فاضل. (ولو قال: إن ظاهرت منها وهي أجنبية) فأنت علي كظهر أمي، (فلغو) أي لا يكون مظاهرا من زوجته، لأن قوله: وهي أجنبية من بقية كلام المظاهر على جهة الشرط، وهو تعليق بمستحيل، فأشبه قوله: إن بعت الخمر فأنت طالق، وأتى بلفظ البيع فإنه لا يقع الطلاق، ومثل قوله: وهي أجنبية ما لو قال: إن ظاهرت من فلانة أجنبية لاستحالة اجتماع ما علق به ظهارها من ظهار فلانة حالة كونها أجنبية. فلو أراد اللفظ بظهارها في الصورتين كان مظاهرا كما صرح به ابن المقري. (ولو قال أنت طالق كظهر أمي ولم ينو) بمجموع كلامه هذا شيئا، (أو نوى) به (الطلاق) فقط، (أو الظهار) فقط، (أو) نوى به (هما) معا، (أو) نوى (الظهار بأنت طالق، والطلاق بكظهر أمي طلقت) في هذه الحالات الخمس، (ولا ظهار) أما وقوع الطلاق فلاتيانه بصريح لفظه، وأما انتفاء الظهار في الأوليين فلعدم استقلال لفظه مع عدم نيته، وأما في الباقي فلانه لم ينوه، ولفظ الطلاق لا ينصرف إلى الظهار وعكسه كما مر في الطلاق. وأشار إلى حالة أخرى لهذه المسألة بقوله: (أو) نوى (الطلاق بأنت طالق و) نوى (الظهار بالباقي) وهو كظهر أمي، (طلقت) قطعا، (وحصل الظهار إن كان طلاق رجعة) لأن الظهار يصح من الرجعية وقد أتى به مع النية. وهو إما على حذف المبتدأ: أي أنت طالق كظهر أمي كما قدره القاضي أبو الطيب، أو على تعدد الخبر: أي يجعل طالق وظهر أمي خبرين عن أنت. واحترز بقوله: طلاق رجعة عن البائن فإنه لا ظهار فيها لأنها أجنبية. ولو قال: أنت كظهر أمي طالق عكس ما في المتن، وأراد الظهار بأنت علي كظهر أمي، والطلاق بأنت طالق حصلا، ولا عود لأنه عقب الظهار بالطلاق، فإن راجع كان عائدا كما سيأتي. وإن أطلق فمظاهر، ولا طلاق على قياس ما مر في عكسه، فإن أرادهما بجميع اللفظين وقع الظهار فقط، وكذا إن أراد به أحدهما، أو أراد الطلاق بأنت كظهر أمي، والظهار بطالق.
تتمة: لو قال: أنت علي حرام كظهر أمي ونوى بمجموعه الظهار فمظاهر، لأن لفظ الحرام إظهار مع النية، فمع اللفظ والنية أولى. وإن نوى به الطلاق فطلاق، لأن لفظة الحرام مع نية الطلاق كصريحه. ولو أرادهما بمجموعه أو بقوله: أنت علي حرام اختار أحدهما فيثبت ما اختاره منهما، وإنما لم يقعا جمعا لتعذر جعله لهما لاختلاف موجبهما.
وإن أراد بالأول الطلاق وبالآخر الظهار والطلاق رجعي حصلا لما مر في نظيره. وإن أراد بالأول الظهار وبالآخر الطلاق وقع الظهار فقط، إذ الآخر لا يصلح أن يكون كناية في الطلاق لصراحته في الظهار، وإن أطلق وقع الظهار فقط لأن لفظ الحرام ظهار مع النية، فمع اللفظ أولى، وأما عدم وقوع الطلاق فلعدم صريح لفظه ونيته. وإن أراد بالتحريم تحريم عينها لزمه كفارة يمين لأنها مقتضاه، ولا ظهار إلا إن نواه بكظهر أمي. ولو أخر لفظ التحريم عن لفظ الظهار.
فقال: أنت علي كظهر أمي حرام فمظاهر لصريح لفظ الظهار، ويكون قوله: حرام تأكيدا، سواء أنوى تحريم عينها فيدخل مقتضى التحريم وهو الكفارة الصغرى في مقتضى الظهار وهو الكفارة العظمى، أم أطلق، فإن نوى بلفظ التحريم الطلاق وقعا ولا عود لتعقيبه الظهار بالطلاق. ولو قال: أنت مثل أمي أو كروحها أو عينها ونوى الطلاق كان طلاقا لما مر أن ذلك ليس صريح ظهار.
فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة وتحريم تمتع وما يذكر معهما: تجب (على المظاهر كفارة إذا عاد) في ظهاره، لقوله تعالى: * (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا) * الآية، وسيأتي تفسير العود. وهل