عدمه. ولو اعترفت بالوطئ بعد المدة وأنكره سقط حقها من الطلب عملا باعترافها، ولم يقبل رجوعها عنه لاعترافها بوصول حقها إليها. ولو كرر يمين الايلاء مرتين فأكثر وأراد بغير الأولى التأكيد لها ولو تعدد المجلس وطال الفصل صدق بيمينه كنظيره في تعليق الطلاق. وفرق بينهما وبين تنجيز الطلاق بأن التنجيز إنشاء وإيقاع، والايلاء والتعليق متعلقان بأمر مستقبل، فالتأكيد بهما أليق، أو أراد الاستئناف تعددت الايمان. وإن أطلق بأن لم يرد تأكيدا ولا استئنافا فواحدة إن اتحد المجلس حملا على التأكيد وإلا تعددت لبعد التأكيد مع اختلاف المجلس، ونظيرهما جار في تعليق الطلاق، وكذا الحكم لو حلف يكفيه يمينا سنة ويمينا سنتين مثلا، وعند الحكم بتعدد اليمين يكفيه لانحلالها وطئ واحد ويتخلص بالطلاق عن الايمان كلها، ويكفيه كفارة واحدة كما علم مما مر.
كتاب الظهار هو لغة مأخوذ من الظهر، لأن صورته الأصلية أن يقول لزوجته: أنت علي كظهر أمي. وخصوا الظهر دون البطن والفخذ وغيرهما لأنه موضع الركوب، والمرأة مركوب الزوج، وقيل من العلو، قال تعالى: * (فما اسطاعوا أن يظهروه) * أي يعلوه، وكان طلاقا في الجاهلية، وقيل: في أول الاسلام، ويقال: كانوا في الجاهلية إذا كره أحدهم امرأته ولم يرد أن تتزوج بغيره آلى منها أو ظاهر فتبقى لا ذات زوج ولا خلية تنكح غيره، فغير الشارع حكمه إلى تحريمها بعد العود ولزوم الكفارة كما سيأتي. وحقيقته الشرعية: تشبيه الزوجة غير البائن بأنثى لم تكن حلا على ما يأتي بيانه، وسمي هذا المعنى ظهارا لتشبيه الزوجة بظهر الام، وهو من الكبائر، قال تعالى: * (وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا) *. والأصل في الباب قبل الاجماع قوله تعالى: * (والذين يظاهرون من نسائهم) * الآية، نزلت في أوس بن الصامت لما ظاهر من زوجته فاشتكت إلى رسول الله (ص)، فقال: حرمت عليه، فقالت: انظر في أمري فإني لا أصبر عنه، فقال (ص): حرمت عليه وكررت وهو يقول: حرمت عليه، فلما أيست اشتكت إلى الله تعالى، فأنزل الله تعالى: * (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها) * الآيات. رواه أبو داود وابن ماجة وابن حبان. وروي أنه (ص) قال: مريه أن يعتق رقبة، فقالت: أي رقبة؟ والله لا يجد رقبة وما له خادم غيري فقال: مريه فليصم شهرين متتابعين، فقالت: ما يقدر على ذلك إنه يشرب في اليوم كذا كذا مرة، فقال: مريه فليطعم ستين مسكينا، فقالت: أنى له ذلك فائدة: سورة المجادلة في كل آية منها اسم الله تعالى مرة أو مرتين أو ثلاثا، وليس في القرآن سورة تشابهها في ذلك، وهي نصف القرآن عددا، وعشرة باعتبار الاجزاء. وله أركان أربعة: مظاهر، ومظاهر منها، وصيغة، ومشبه به، وقد أخذ في بيانها مبتدءا بأولها، فقال: (يصح) الظهار (من كل زوج) فلا تصح مظاهرة السيد من أمته ولو كانت أم ولد، لأن الله تعالى أناط حكمه بالنساء، ومطلقه ينصرف إلى الزوجات. (مكلف) بأن يكون بالغا عاقلا، فلا يصح من صبي ومجنون ومغمى عليه لما مر في الطلاق. نعم لو علق المكلف الظهار على صفة هو مجنون أو مغمى عليه حصل الظهار قطعا، قاله ابن كج. ولا بد أن يكون مختارا، فلا يصح ظهار المكره، وسيأتي ظهار السكران. فلو قال: شرطه زوج يصح طلاقه، كما قال في الايلاء كان أخصر وأعم لدخول ظهار السكران. (ولو) هو (ذمي) لعموم الآية، وإنما صرح به مع دخوله فيما سبق لخلاف أبي حنيفة ومالك فيه من جهة أن الله شرط فيه الكفارة، وليس هو من أهلها. لنا أنه لفظ يقتضي تحريم الزوجة فيصح منه كالطلاق والكفارة فيه شائبة الغرامة، ويتصور منه الاعتاق عن الكفارة كأن يرث عبدا مسلما أو يسلم عبده أو يقول المسلم أعتق عبدك المسلم عن كفارتي.