مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٠٢
قال الزركشي: ولو قال: أنت طالق طلقة ونصفا إلا طلقة ونصفا. قال بعض فقهاء العصر: القياس وقوع طلقة اه‍.
وكأن وجهه أنه وقع عليه بقوله طلقة ونصفا طلقتان، واستثنى من ذلك طلقة ونصفا فبقي نصف طلقة فتكمل وهذا مردود لأن الاستثناء مما أوقع لا مما وقع، وأيضا لا يجمع بين المتعاطفات كما مر، فقوله: طلقة ونصفا إلا طلقة ونصفا يرجع الاستثناء للأخير، وهو النصف فهو مستغرق فيلغو ويقع طلقتان.
فروع: لو قال: أنت بائن إلا بائنا أو: إلا طالقا ونوى بأنت بائن الثلاث وقع طلقتان اعتبارا بنيته، فهو كما لو تلفظ بالثلاث واستثنى واحدة. قال الرافعي: وفي معناه ما لو قال: أنت طالق إلا طالقا ونوى بأنت طالق الثلاث. ولو قال: أنت طالق ثلاثا إلا أقله ولا نية له وقع ثلاث، قاله في الاستقصاء، لأن أقل الطلاق بعض طلقة فتبقى طلقتان والبعض الباقي فيكمل، لكن السابق إلى الفهم أن أقله طلقة فتطلق طلقتين، وهذا أوجه. ولو قال: أنت طالق أو لا أو أنت طالق واحدة أو لا بإسكان الواو فيهما، لم يقع به شئ لأنه استفهام لا إيقاع، فكان كقوله: هل أنت طالق؟ إلا أن يريد بقوله أنت طالق إنشاء الطلاق فتطلق، ولا يؤثر قوله بعده: أو لا، فإن شدد الواو وهو يعرف العربية لأن معناه أنت طالق في أول الطلاق. ولو قال: أنت طالق طلقة لا تقع عليك أو: أنت طالق لا طلقت طلقة لأنه أوقع الطلاق وأراد رفعه بالكلية، والطلاق لا يرتفع بعد وقوعه. وقولنا بالكلية احتراز من قوله: أنت طالق إن دخلت الدار فإنه رفعه في الحال لا بالكلية ولو قال لزوجاته الأربع: أربعكن طوالق إلا فلانة أو إلا واحدة طلقن جميعا، ولم يصح الاستثناء، لأن الأربع ليست صيغة عموم، وإنما هي اسم خاص، فقوله إلا فلانة رفع للطلاق عنها بعد التنصيص عليها، فهو كقوله:
أنت طالق طلاقا لا يقع عليك. فإن قيل: قضية هذا التعليل أنه لا يصح الاستثناء من الاعداد في الاقرار، وليس كذلك، بل يصح منها وإن صرح باسم العدد كقوله: هذه الأربعة لك إلا واحدا منها كما صرح به صاحب التنبيه وغيره في باب الاقرار. أجيب بأن الانشاء أقوى من الاخبار، وهذا بخلاف أربعتكن إلا فلانة طوالق فيصح الاستثناء، لأن الاخراج في هذه وقع قبل الحكم فلا تناقض بخلاف الأولى، وهذا ما جرى عليه ابن المقرى، وهو المعتمد، وإن نظر فيه الأسنوي أنه لا فرق بين تقدم المستثنى وتأخره. ثم شرع في الضرب الثاني من الاستثناء، وهو التعليق بالمشيئة، فقال: (ولو قال: أنت طالق إن شاء الله) طلاقك، (أو) أنت طالق (إن لم يشأ الله) طلاقك، (وقصد التعليق) بالمشيئة في الأول وبعدمها في الثاني قبل فراغ الطلاق، (لم يقع) أي الطلاق، لأن المعلق عليه من مشيئة الله أو عدمها غير معلوم، ولان الوقوع بخلاف مشيئة الله تعالى محال. فإن لم يقصد بالمشيئة التعليق بأن سبقت إلى لسانه لتعوده بها كما هو الأدب أو قصدها بعد الفراغ من الطلاق أو قصد بها التبرك أو إن كل شئ بمشيئة الله تعالى أو لم يعلم قصد التعليق أو لا وقع، وكذا لو أطلق كما هو مقتضى كلامهم، وليس هذا كالاستثناء المستغرق لأن ذلك كلام متناقض غير منتظم، والتعليق بالمشيئة منتظم وأنه يمنع معه الطلاق وقد لا يقع كما تقرر. وكالتعليق بالمشيئة سائر التعليقات في اعتبار اللفظ واقتران القصد. (وكذا يمنع) التعليق بالمشيئة انعقاد نية وضوء وصلاة وصوم وغيرها عند قصد التعليق، و (انعقاد تعليق) كأنت طالق إن دخلت الدار إن شاء الله لأن التعليق بالمشيئة يمنع الطلاق المنجز فالمعلق أولى. (و) انعقاد (عتق) منجز أو معلق كأنت حر إن شاء الله أو: أنت حر إن دخلت الدار إن شاء الله. (و) انعقاد (يمين) كقوله: والله لأفعلن كذا إن شاء الله. (و) انعقاد (نذر) كلله علي أن أتصدق بكذا إن شاء الله (و) انعقاد (كل تصرف) غير ما ذكر مما حقه الجزم كبيع وإقرار وإجارة.
تنبيه: تقديم التعليق على المعلق به كتأخيره عنها، كقوله: إن شاء الله أنت طالق، ولو فتح همزة أن أو أيد لها ب‍ إذ، أو ما، كقوله: أنت طالق أن شاء الله بفتح الهمزة، أو إذ شاء الله أو ما شاء الله طلقت في الحال طلقة واحدة لأن الأولين للتعليل، والواحدة هي اليقين في الثالث، وسواء في الأول النحوي وغيره كما صرح في الروضة بتصحيحه
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460