مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢١٣
فلا يجب فيه التجديد إلا بعد البينونة.
تنبيه: محل الخلاف حيث لم يكن الأب مطلقا، فإن كان مطلقا لم يجب له التجديد باتفاق الأصحاب كما لو تكرر منه إتلاف النفقة، وتقدم في نكاح السفيه تعريفه، بل يسريه جارية، ويسأل القاضي الحجر عليه في الاعتاق، قاله القمولي. (وإنما يجب) على الولد (إعفاف) الأصل بشرطين، الأول: ما ذكره بقوله: (فاقد مهر) أو ثمن أمة، لأن القادر على ذلك مستغن عن الولد، ولو كان قادرا على ذلك بالكسب لم يلزم الولد إعفافه كما قاله الشيخ أبو علي وجزم به في الشرح الصغير، وإن قال في الكبير ينبغي أن يكون فيه الخلاف في النفقة، أي فلا يكلف الكسب كما في الصحيح فيها. والفرق بين النفقة وما هنا أن النفقة تتكرر فيشق على الأصل الكسب لها بخلاف المهر أو ثمن الأمة، ولان البينة لا تقوم بدون النفقة. ولو قدر على حرة بدون مهر مثلها أو على شراء أمة بدون ثمن مثلها لم يجب إعفافه.
ولو نكح في يساره بمهر في ذمته ثم أعسر قبل الدخول وامتنعت الزوجة حتى تقبضه، قال البلقيني: يجب على الولد دفعه لحصول الاعفاف بذلك، والصرف للموجودة أولى من السعي في أخرى، قال: وعليه لو نكح في إعساره ولم يطالب ولده بالاعفاف ثم طالبه به ينبغي أن يلزم ولده القيام به لا سيما إذا جهلت الاعسار وأرادت الفسخ اه‍. وظاهر كما قال شيخنا أنه إنما يلزمه جميع ذلك إذا كان قدر مهر مثل من يليق به الشرط الثاني: ما ذكره بقوله: (محتاج إلى نكاح) بأن تتوق نفسه الوطئ وإن إلى من لم يخف زنا أو كان تحته من لا تعفه كصغيرة وعجوز شوهاء. ويحرم طلب من لم تصدق شهوته بأن لم يضر به التعزب ولم يشق عليه الصبر، نعم قال ابن الرفعة: ولو احتاج للنكاح لا للتمتع بل للخدمة لنحو مرض وجب إعفافه، وهو كما قال السبكي صحيح إذا تعينت الحاجة إليه، لكن لا يسمى إعفافا. ولو كان يحتاج إلى الاستمتاع يغير إلى الوطئ لنحو عنة كجب له يلزم الولد ذلك، كما هو ظاهر كلامهم ورجحه الزركشي. (ويصدق) الأصل (إذا ظهرت) منه (الحاجة) للنكاح (بلا يمين) لأن تحليفه في هذا المقام لا يليق بحرمته إلا إذا كان ظاهر حاله يكذبه كذي فالج شديد أو استرخاء، فيحتمل حينئذ كما قاله الأذرعي أن لا يجاب أو يحلف. (ويحرم عليه) أي الأب وإن علا (وطئ أمة ولده) إجماعا، لقوله تعالى: * (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم) * وليست بواحدة منهما.
تنبيه: قوله: ولده أولى من قول المحرر: ابنه إذ لا فرق بين الذكر وغيره. (والمذهب وجوب مهر) أي مهر مثل للولد عليه بهذا الوطئ سواء كانت الأمة موطوءة للابن أم لا، مستولدة للابن أم لا ولو بطوعها، للشبهتين الآتيتين، لأنه وطئ شبهة فيجب به المهر كوطئ أمة الأجنبي بشبهة، فإن كان الأب موسرا أخذ منه في الحال وإلا بقي في ذمته إلى يساره. ويجب أيضا أرش بكارتها كما قاله الماوردي، (لا) وجوب (حد) لما في مال ولده من شبهة الملك، ففي خبر ابن حبان في صحيحه: أنت ومالك لأبيك ولهذا لا يقطع لسرقة ماله، ولا يقتل به، ولشبهة الاعفاف الذي هو من جنس ما فعله.
تنبيه: اقتصاره على نفي الحد قد يفهم وجوب التعزير، وهو الأصح، كما في ارتكاب سائر المحرمات التي لا حد فيها ولا كفارة، وهو لحق الله تعالى لا لحق الولد كما ذكره الرافعي، وفي قول من الطريق الثاني: يجب عليه الحد إن لم يخف عليه التحريم، وإن خفي فلا حد قطعا كما قاله الأذرعي وغيره. ثم إن لم تكن الأمة موطوءة للابن فإنها تحرم عليه أبدا، لأنها صارت موطوءة أبيه، وإن كانت موطوءة للابن حرمت عليهما أبدا لأنها موطوءة كل منهما، ويستمر ملك الابن عليها ما لم يوجد من الأب إحبال، ولا يغرم الأب له بتحريمه لها عليه بوطئه قيمتها وإن كان كافرا.
فإن قيل: إذا وطئ الشخص زوجة أبيه أو ابنه بشبهة يلزمه مهرها لفوات الاستمتاع بها، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن المالية التي هي المقصود الأعظم في الأمة باقية والفائت على الولد إنما هو مجرد الحل وهو غير متقوم، بدليل إنه لو اشترى أمة فخرجت أخته لم يتمكن من الرد. والحل الفائت في الزوجية هو المقصود فيقوم، ولذلك يجوز أن يشتري
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460