الخيار قال الشيخان: فحيث يجوز له وطؤها لا تحل له الأخرى، وحيث لا فوجهان، وقال الإمام: الوجه عندي القطع بالحل اه. وهو ظاهر. ولو ملك شخص أمة وخنثى أخوين فوطئه جاز له عقبه وطئ الأمة، ولو اشترى جاريتين فادعيا أن بينهما أخوة بالرضاع، ففي فتاوى البغوي: للسيد أن يعتمدهما، والاختيار أن لا يجمع بينهما، ولو أقرت الأمة أن سيدها أخوها من الرضاع لم يقبل بعد التمكين. وفيما قبله وجهان ذكرهما الرافعي في الرضاع، وقياس الزوجة في دعواها ذلك أنها تقبل. ولو (ملكها) أي الأمة وطئها أم لا، (ثم نكح) من يحرم الجمع بينها وبينها، كأن نكح (أختها) الحرة أو عمتها أو خالتها، (أو عكس) أي نكح امرأة ثم ملك من يحرم الجمع بينها وبينها، كأن ملك أختها، (حلت المنكوحة) في المسألتين (دونها) أي المملوكة، ولا كانت موطوءة لأن فراش النكاح أقوى إذ يتعلق به الطلاق والظهار والايلاء وغيرها بخلاف الملك. ولا يجامع النكاح حلها لغيره إجماعا، بخلاف الملك، فلا يندفع الأقوى بالأضعف بل يدفعه. (و) يحل (للعبد امرأتان) فقط، لأن الحكم بن عيينة نقل إجماع الصحابة فيه، رواه البيهقي، ولأنه على النصف من الحر، ولان النكاح من باب الفضائل فلم يلحق العبد فيه بالحر كما لم يلحق الحر بمنصب البنوة في الزيادة على أربع. والمبعض كالقن كما صرح به أبو حامد والماوردي وغيرهما (و) يحل (للحر أربع فقط) لقوله تعالى: * ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) *، ولقوله (ص) لغيلان وقد أسلم وتحته عشر نسوة:
أمسك أربعا وفارق سائرهن رواه ابن حبان والحاكم وغيرهما وصححوه. وإذا امتنع في الدوام ففي الابتداء أولى.
فائدة: ذكر ابن عبد السلام أنه كان في شريعة موسى عليه السلام الجواز من غير حصر تغليبا لمصلحة الرجال، وفي شريعة عيسى عليه السلام لا يجوز غير واحدة تغليبا لمصلحة النساء، وراعت شريعة نبينا محمد (ص) وعلى سائر الأنبياء مصلحة النوعين. وقد تتعين الواحدة للحر، وذلك في كل نكاح توقف على الحاجة كالسفيه والمجنون والحر الناكح الأمة. وقال بعض الخوارج: الآية تدل على جواز تسع: مثنى باثنين وثلاث بثلاث ورباع بأربع، ومجموع ذلك تسع، وبعض منهم: تدل على ثمانية عشر: مثنى اثنين اثنين وثلاث ثلاثة ثلاثة ورباع أربعة أربعة، ومجموع ذلك ما ذكره وهذا خرق للاجماع. (فإن نكح) الحر (خمسا) مثلا (معا) أي بعقد - وهو منصوب على الحال - أو العبد ثلاثا كذلك، (بطلن) إذ ليس إبطال نكاح واحدة بأولى من الأخرى، فبطل الجميع كما لو جمع بين الأختين. ويستثنى ما لو كان فيهن أو في ست للحر وأربع للرفيق أختان مثلا فإنه يبطل فيهما، ويصح في الباقي عملا بتفريق الصفقة، وإنما بطل فيهما معا لأنه لا يمكن الجمع بينهما. ولا أولوية لإحداهما على الأخرى، فإن كانتا في أكثر من ذلك كأن كانتا في سبع للحر أو خمس للعبد بطل الجميع، وفي معنى الأختين ما لو كان فيهن من لا تحل له كمحرمة وملاعنة ووثنية ومجوسية (أو) نكحهن (مرتبا، فالخامسة) للحر، والثالثة للعبد، بطل نكاحها، لأن الزيادة على العدد الشرعي حصل بها.
فرع: لو عقد على ست على ثلاث معا واثنتين معا وواحدة وجهل السابق من العقود، فنكاح الواحدة صحيح بكل تقدير لأنها لا تقع إلا أولى أو ثالثة أو رابعة، فإنها لو تأخرت عن العقدين كان ثانيهما باطلا فيصح نكاحها قال ابن الحداد: ونكاح الباقيات باطل لأن كلا من عقدي الفريقين يحتمل كونه متأخرا عن الآخر فيبطل، والأصل عدم الصحة، وغلطه الشيخ أبو علي، فقال: أحد العقدين صحيح، وهو السابق منهما ولا تعرف عينه، فيوقف نكاح الخمس ويؤاخذ الزوج بنفقتهن مدة التوقف لأنهن محبوسات لأجله ويسئل عن البيان. وقول ابن الحداد كما قال ابن المقري: هو قياس ما سبق من أنه إذا وقع على امرأة عقدان وجهل السابق منهما بطل العقدان، وهنا قد أشكل السابق منهما، وإلى هذا أشار الأسنوي في المهمات، وهذا هو المعتمد وإن فرق بعضهم بأن المعقود عليه ثم واحدة والزوج متعدد ولم يعهد جوازه أصلا بلا ممنوع منه، وهنا بالعكس وقد عهد جوازه. فاغتفر فيه ما لم يغتفر في