فرع: لو قالت امرأة مشيرة إلى شخص. هذا زوجي فسكت فماتت ورثها، ولو مات هو لم ترثه. وإن قال هو:
هذه زوجتي فسكتت فمات ورثته، وإن ماتت لم يرثها على النص. واعلم أن أسباب الولاية أربعة. السبب الأول: الأبوة، وقد شرع فيه فقال: (وللأب) ولاية الاجبار، وهي (تزويج) ابنته (البكر صغيرة أو كبيرة) عاقلة أو مجنونة إن لم يكن بينه وبينها عداوة ظاهرة، (بغير إذنها) لخبر الدارقطني: الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر يزوجها أبوها، ورواية مسلم: والبكر يستأمرها أبوها حملت على الندب، ولأنها لم تمارس الرجال بالوطئ فهي شديدة الحياء. أما إذا كان بينه وبينها عداوة ظاهرة فليس له تزويجها إلا بإذنها بخلاف غير الظاهرة، لأن الولي يحتاط لموليته لخوف العار وغيره، وعليه يحمل إطلاق الماوردي والروياني الجواز.
تنبيه: لتزويج الأب بغير إذنها شروط: الأول: أن لا يكون بينه وبينها عداوة ظاهرة كما مر، والثاني: أن يزوجها من كفء. الثالث: أن يزوجها بمهر مثلها. الرابع: أن يكون من نقد البلد، الخامس: أن لا يكون الزوج معسرا بالمهر، السادس: أن لا يزوجها بمن تتضرر بمعاشرته كأعمى وشيخ هرم. السابع: أن لا يكون قد وجب عليها الحج، فإن الزوج قد يمنعها لكون الحج على التراخي ولها غرض في تعجيل براءة ذمتها، قاله ابن العماد. وهل هذه الشروط المذكورة شروط لصحة النكاح بغير الاذن أو لجواز الاقدام فقط؟ فيه ما هو معتبر لهذا وما هو معتبر لذاك، فالمعتبر للصحة بغير الاذن أن لا يكون بينها وبين وليها عداوة ظاهرة وأن يكون الزوج كفؤا وأن يكون موسرا بحال الصداق، وليس هذا مفرعا على اعتبار كون اليسار معتبرا في الكفاءة كما هو رأي مرجوح كما قاله الزركشي، بل لأنه بخسها حقها، وما عدا ذلك شروط لجواز الاقدام قال الولي العراقي: وينبغي أن يعتبر في الاجبار أيضا انتفاء العداوة بينها وبين الزوج اه.
وإنما لم يعتبر ظهور العداوة هنا كما اعتبر ثم لظهور الفرق بين الزوج والولي المجبر، بل قد يقال كما قال شيخنا إنه لا حاجة إلى ما قاله، لأن انتفاء العداوة بينها وبين الولي يقتضي أن لا يزوجها إلا ممن يحصل لها منه حظ ومصلحة لشفقته عليها، أما مجرد كراهتها له من غير ضرر فلا تؤثر، لكن يكره لوليها أن يزوجها منه كما نص عليه في الأم. (ويستحب استئذانها) أي البكر إذا كانت مكلفة، لحديث مسلم السابق وتطييبا لخاطرها، أما غير المكلفة فلا إذن لها، ويسن استفهام المراهقة وأن لا يزوج الصغيرة حتى تبلغ. والمستحب في الاستئذان أن يرسل إليها نسوة ثقات ينظرن ما في نفسها، والأم بذلك أولى لأنها تطلع على ما لا يطلع عليه غيرها. (وليس له تزويج ثيب) بالغة وإن عادت بكارتها كما صرح به أبو خلف الطبري في شرح المفتاح، (إلا بإذنها) لخبر الدارقطني السابق، وخبر: لا تنكحوا الأيامى حتى تستأمروهن رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، ولأنها عرفت مقصود النكاح فلا تجبر بخلاف البكر. (فإن كانت) تلك الثيب (صغيرة) غير مجنونة وغير أمة (لم تزوج) سواء احتملت الوطئ أم لا، (حتى تبلغ) لأن إذن الصغيرة غير معتبر فامتنع تزويجها إلى البلوغ، أما المجنونة فيزوجها الأب والجد عند عدمه قبل بلوغها للمصلحة كما سيأتي، واما الأمة فليسدها أن يزوجها وكذا لولى السيد عند المصلحة (والجد) أبو الأب وإن علا (كلاب عند عدمه) أو عدم أهليته فيما ذكر، لأن له ولاية وعصوبة كالأب ويزيد الجد عليه في صورة واحدة وهي تولي طرفي العقد كما سيأتي، بخلاف الأب ووكيل الأب والجد كالأب والجد، لكن وكيل الجد يتولى الطرفين كما سيأتي. (وسواء) في حصول الثيوبة واعتبار إذنها (زالت البكارة بوطئ) في قبلها (حلال) كالنكاح (أو حرام) كالزنا أو بوطئ لا يوصف بهما كشبهة كما شمله عبارة المحرر بقوله: بالوطئ الحلال أو غيره، لأن وطئ الشبهة لا يوصف بحل ولا بحرمة، ولا فرق في ذلك بين أن يكون في نوم أو يقظة. (ولا أثر لزوالها بلا وطئ) في القبل (كسقطة) وحدة طمث وطول تعنيس وهو الكبر