ومجه) لأنه معذور فيه غير مقصر، فإن لم يعجز أفطر لتقصيره، وقيل: لا يفطر مطلقا، وقيل: إن نقى أسنانه بالخلال على العادة لم يفطر وإلا أفطر. أما إذا ابتلعه قصدا فإنه يفطر جزما.
فائدة: ما خرج من الأسنان إن أخرجه بالخلال كره أكله أو بالأصابع فلا كما نقل عن الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه. (ولو أوجر) كأن صب ماء في حلقه (مكرها) أي مغمى عليه أو نائما، (لم يفطر) لانتفاء الفعل والقصد منه. (وإن أكره حتى أكل) أو شرب (أفطر في الأظهر) لأنه حصل من فعله لدفع الضرر عن نفسه فأفطر به كما لو أكل لدفع الضرر والجوع. (قلت: الأظهر لا يفطر، والله أعلم) لأن حكم اختياره ساقط بخلاف من أكل خوفا على نفسه فأشبه الناسي، بل هو أولى منه لأنه مخاطب بالاكل لدفع ضرر الاكراه عن نفسه، والناسي ليس مخاطبا بأمر ولا نهي. ويجري القولان فيما لو أكرهت أو أكره على الوطئ، وقلنا يتصور إكراهه، وهو الراجح. وإذا قلنا بالفطر على المرجوح لا كفارة للشبهة، وإن قلنا لا يتصور الاكراه أفطر ولزمته الكفارة. (وإن أكل ناسيا لم يفطر) لخبر الصحيحين: من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه. وفي صحيح ابن حبان وغيره:
ولا قضاء عليه ولا كفارة. (إلا أن يكثر) فيفطر به (في الأصح) لأن النسيان مع الكثرة نادر، ولهذا بطلت الصلاة بكثير الكلام ناسيا دون قليله. والكثير كما في الأنوار: ثلاث لقم. (قلت: الأصح) المنصوص وقطع به الجمهور (لا يفطر، والله أعلم) لعموم الخبر المار. والفرق بينه وبين الصلاة أن لها حالا تذكر المصلي أنه فيها فيندر ذلك فيه، بخلاف الصوم. ولم يتعرض المصنف للجاهل بتحريم الاكل هل يفطر أو لا، وحكمه كالناسي كما في المجموع والروضة إذا كان قريب العهد بالاسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء. فإن قيل: إذا اعتقد جواز الأكل فما الصوم الذي نواه والجاهل بحقيقة الصوم لا يتصور أن ينويه؟ أجيب بأن ذلك في مفطر خاص من الأشياء النادرة كالتراب فإنه قد يخفى ويكون الصوم الامساك عن المعتاد، وما عداه شرط في صحته. (والجماع) ناسيا (كالأكل) ناسيا فلا يفطر به (على المذهب) كغيره من المفطرات. والطريق الثاني: أنه على القولين في جماع المحرم ناسيا. وفرق الأول بأن المحرم له هيئة يتذكر بها الاحرام، فإذا نسي كان مقصرا بخلاف الصائم.
تنبيه: قضية تشبيه الجماع بالاكل أن يأتي فيه التفصيل بين أن يطول زمنه أو لا، وهو كما قال الأسنوي متجه، بل مجيئه في الجماع أولى لأنه دائر بين اثنين إن نسي أحدهما ذكره الآخر بخلاف الاكل، وإن كانت عبارة الشرحين والروضة يقتضي خلافه. (و) الامساك (عن الاستمناء) وهو إخراج المني بغير جماع، محرما كأن أخرجه بيده، أو غير محرم كإخراجه بيد زوجته أو أمته. (فيفطر به) لأن الايلاج من غير إنزال مفطر، فالانزال بنوع شهوة أولى. (وكذا خروج المني) يفطر به إذا كان (بلمس وقبلة ومضاجعة) بلا حائل لأنه إنزال بمباشرة، (لا فكر) وهو إعمال الخاطر في الشئ (ونظر بشهوة) إذا أمنى بهما أو بضم امرأة بحائل بشهوة وإن تكررت الثلاثة بها، إذ لا مباشرة، فأشبه الاحتلام مع أنه يحرم تكريرها وإن لم ينزل. وقيل: إن اعتاد الانزال بالنظر أفطر، وقيل:
إن كرر النظر فأنزل أفطر. ولو لمس شعر امرأة فأنزل ففي فطره عن المتولي وجهان بناهما على انتقاض الوضوء بلمسه، ومقتضاه أنه لا يفطر، وهو كذلك. ولو قبلها وفارقها ساعة ثم أنزل، فالأصح إن كانت الشهوة مستصحبة والذكر قائما حتى أنزل أفطر وإلا فلا، قاله في البحر قال: ولو أنزل بلمس عضوها المبان لم يفطر. قال شيخنا: والظاهر أن الحكم كذلك وإن اتصل بها عضوها المبان لحرارة الدم، وقياس ما تقدم من البناء في لمس الشعر أنه لو لمس الفرج