لأنه أعرف بهم وأقدر على الاستيعاب ولتيقن البراءة بتسليمه، بخلاف ما إذا فرق بنفسه فإنه قد يعطي غير المستحق.
ولو اجتمع الامام والساعي فالدفع إلى الامام أولى، قاله الماوردي. (إلا أن يكون جائرا) فالأفضل أن يفرق بنفسه لأنه على يقين من فعل نفسه وفي شك من فعل غيره، والثاني: الأفضل الصرف إلى الامام مطلقا، والثالث: الأفضل تفرقته بنفسه مطلقا ليخص الأقارب والجيران والاحق وينال أجر التفريق. وكان الأولى التعبير بالأصح كما في الشرحين والروضة والمجموع. ومحل الخلاف في الأموال الباطنة، أما الظاهرة فتسليمها كما قاله في المجموع إلى الامام وإن كان جائرا أفضل من تفريق المالك أو وكيله لها اه. ثم إن لم يطلبها الامام فللمالك تأخيرها ما دام يرجو مجئ الساعي، فإن أيس من مجيئه وفرق بنفسه ثم طالبه الساعي وجب تصديقه ويحلف استحبابا إن اتهم. وصرفه بنفسه أو إلى الامام أفضل من التوكيل بلا خلاف.
تنبيه: المراد بالعادل: العادل في الزكاة وإن كان جائرا في غيرها كما نقله في الكفاية عن الماوردي، وظاهره أنه تفسير لكلام الأصحاب في المراد بالعدل والجور هنا. (وتجب النية) في الزكاة للخبر المشهور، والاعتبار فيها بالقلب كغيرها. (فينوي: هذا فرض زكاة مالي، أو فرض صدقة مالي ونحوهما) كزكاة مالي المفروضة أو الصدقة المفروضة أو الواجبة كما قال البغوي وغيره، لدلالة ذلك على المقصود. ولو نوى زكاة المال دون الفريضة أجزأه، وإن كان كلامه يشعر باشتراط نية الفريضة مع نية الزكاة لأنها لا تكون إلا فرضا، بخلاف صلاة الظهر مثلا فإنها قد تكون نفلا، ولو قال: هذه زكاة، أجزأه أيضا. (ولا يكفي: هذا فرض مالي) لأن ذلك يصدق على النذر والكفارة وغيرهما. (وكذا الصدقة) أي: صدقة مالي أو المال، لا يكفي، (في الأصح) لأن الصدقة تصدق على صدقة التطوع، والثاني: يكفي لظهورها في الزكاة، لأنها قد عهدت في القرآن لاخذ الزكاة، قال تعالى: * (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم) *.
وقال تعالى: * (إنما الصدقات للفقراء) * الآية. أما لو نوى الصدقة فقط فإنه لا يجزئه على المذهب، قال في المجموع:
وبه قطع الجمهور. والفرق بين المسألتين: أن الصدقة تطلق على غير المال، كقوله (ص): فكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة. (ولا يجب) في النية (تعيين المال) المخرج عنه عند الاخراج، لأن الغرض لا يختلف به كالكفارات، فلو ملك من الدراهم نصابا حاضرا ونصابا غائبا عن محله، فأخرج خمسة دراهم بنية الزكاة مطلقا ثم بان تلف الغائب فله جعل المخرج عن الحاضر. (ولو عين لم يقع عن غيره) ولو بان المعين تالفا لأنه لم ينو ذلك الغير، فلو ملك أربعين شاة وخمسة أبعرة، فأخرج شاة عن الأبعرة فبانت تالفة لم تقع عن الشياه. هذا إذا لم ينو أنه إن بان ذلك المنوي عنه تالفا فعن غيره، فإن نوى ذلك فبان تالفا وقع عن الآخر. ولو قال: هذه زكاة مالي الغائب إن كان باقيا، فبان باقيا أجزأه عنه، بخلاف قوله: هذه زكاة مالي إن كان مورثي قد مات، فبان موته فإنه لا يجزئه. والفرق عدم الاستصحاب للمال في هذه، إذ الأصل فيها بقاء الحياة وعدم الإرث وفي تلك بقاء المال، ونظيره أن يقول في ليلة آخر شهر رمضان: أصوم غدا عن شهر رمضان إن كان منه، فيصح، ولو قال في ليلة آخر شعبان: أصوم غدا إن كان من شهر رمضان، لم يصح. (ويلزم الولي النية إذا أخرج زكاة الصبي والمجنون) والسفيه، لأن النية واجبة وقد تعذرت من المالك فقام بها وليه كالاخراج، فإذا دفع بلا نية لم يقع الموقع وعليه الضمان، ولولي السفيه مع ذلك أن يفوض النية كغيره. (وتكفي نية الموكل عند الصرف إلى الوكيل) عن الوكيل عند الصرف إلى المستحقين، (في الأصح) لوجود النية من المخاطب بالزكاة مقارنة لفعله. (والأفضل أن ينوي الوكيل عند التفريق) على المستحقين