لبس الحرير إلا موضع إصبع أو إصبعين أو ثلاث أو أربع. ولو كثرت محالها بحيث يزيد الحرير على غيره حرم وإلا فلا خلافا لما نقله الزركشي عن الحليمي من أنه لا يزيد على طرازين كل طراز على كم، وأن كل طراز لا يزيد على إصبعين ليكون مجموعهما أربع أصابع، والتطريز أن يركب على الثوب طراز كله من حرير، أما المطرز بالإبرة فالأقرب كما قال السبكي أنه كالمنسوج حتى يكون مع الثوب كالمركب من حرير وغيره لا كالطراز المذكور وإن قال الأذرعي إنه مثله.
ويحل حشو جبة أو نحوها به كالمخدة، لأن الحشو ليس ثوبا منسوجا ولا يعد صاحبه لابس حرير، وبهذا فارق تحريم البطانة فإنه يحرم عليه أن يجعل بطانة الجبة أو نحوها حريرا. (أو) يحل ما (طرف بحرير قدر العادة) بأن يجعل طرف ثوبه مسجفا بالحرير بقدر العادة لخبر مسلم عن أسماء بنت أبي بكر أنه (ص) كان له جبة يلبسها لها لبنة من ديباج وفرجاها مكفوفان بالديباج واللبنة بكسر اللام وسكون الباء: رقعة في جيب القميص أي طوقه، والمكفوف الذي جعل له كفة بضم الكاف أي سجاف. أما ما جاوز العادة فيحرم، وفرق بين هذا وبين اعتبار أربع أصابع فيما مر بأن التطريف محل حاجة وقد تمس الحاجة للزيادة على الأربع، بخلافه فيما مر فإنه محل زينة فيتقيد بالأربع، وإن كان ظاهر عبارة المصنف التسوية بين المطرز والمطرف. قال ابن عبد السلام: وكالتطريف طرفا العمامة إذا كان كل منهما قدر شبر، وفرق بين كل أربع أصابع مقدار قلم من كتان أو قطن. قال الغزي: وهذا بناء منه على اعتبار العادة فيه اه.
فإن جرت العادة على خلافه اعتبرت، إذ العادة تختلف باختلاف الاشخاص والأزمان والأماكن. واحترز بقوله بحرير عن التطريز والتطريف بذهب أو فضة فإنه حرام وإن قل لكثرة الخيلاء فيه. ولو جعل بين البطانة والظهارة ثوبا حريرا أجاز لبسه كما هو ظاهر كلام الأئمة وإن قال الامام: فيه نظر، وتحل خياطة الثوب به ويحل لبسه ولا يجئ فيه تفصيل المضبب لأن الحرير أهون من الأواني. قال في المجموع: ويحل منه خيط السبحة. قال الزركشي: ويقاس به ليقة الدواة.
وقال الفوراني: ويجوز منه كيس المصحف للرجل. ولو فرش ثوب قطن مثلا فوق ثوب ديباج وجلس عليه جاز كما قاله القاضي حسين والبغوي، خلافا للقفال لأنه لا يعد مستعملا له، بخلاف ما لو تغطي به من فوق حائل لأنه مستعمل له. ويحرم على الرجل والخنثى المزعفر دون المعصفر كما قاله إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه، خلافا للبيهقي في قوله: الصواب تحريمه أيضا للأخبار الصحيحة التي لو بلغت الشافعي لقال بها، ومحل النهي عن المعصفر إذا صبغ بعد النسج لا قبله، وعليه يحمل اختلاف الأحاديث في ذلك. ولا يكره لمن ذكره مصبوغ بغير الزعفران والمعصفر سواء الأحمر والأصفر والأخضر وغيرها، سواء أصبغ قبل النسج أم بعده، وإن خالف فيما بعده بعض المتأخرين، إذ لم يرد في ذلك نهي. ويحل لبس الكتان والقطن والصوف ونحوها وإن كانت غالية الأثمان لأن نفاستها بالصنعة. ويكره تزيين البيوت لرجال وغيرهم حتى مشاهد الصلحاء والعلماء بالثياب لخبر مسلم: إن الله لم يأمرنا أن نلبس الجدران واللبن. ويحرم تزيينها بالحرير والصور لعموم الأخبار الواردة فيها، وكذا يحرم تزيين المساجد به كما هو قضية كلام الروض كأصله في باب زكاة الذهب والفضة وإن أفتى الغزالي بالجواز، نعم يجوز ستر الكعبة به، وينبغي جواز ستر قبره (ص) به كما جرت به العادة من غير نكير. (و) يحل (لبس الثوب النجس) أي المتنجس بدليل قوله بعد عطفا على المحرم: وكذا جلد الميتة في الأصح. (في غير الصلاة) المفروضة (ونحوها) كالطواف المفروض أو خطبة الجمعة إذا لم يتنجس بدنه بواسطة رطوبة، بخلاف لبسه في ذلك بعد الشروع فيه فيحرم سواء اتسع الوقت أم لا لقطعه الفرض، بخلاف النفل فإنه لا يحرم لجواز قطعه. أما إذا لبسه قبل إحرامه بنفل أو فرض موسع فالحرمة على من تلبسه بعبادة فاسدة لا على لبسه، فاستفد ذلك فإنه موضع مهم. وحيث جاز لبسه فالأقرب كما قال بعض المتأخرين أنه يحرم مكثه به في المسجد من غير حاجة إليه لأنه يجب تنزيه المسجد عن النجاسات. (لا جلد كلب وخنزير) فلا يحل لبس جلدهما، لأن الخنزير لا ينتفع به في حال حياته، وكذا الكلب إلا في اصطياد ونحوه، فبعد الموت أولى، وفرعهما وفرع أحدهما كذلك. (إلا لضرورة كفجأة