مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٠٥
بالدم من الاعذار العامة في حق المقاتل فأشبه المستحاضة. والثاني: يجب القضاء، وهو المعتمد المنقول في الشرحين والروضة هنا عن الامام عن الأصحاب. وقال في المهمات: وهو ما نص عليه الشافعي فالفتوى عليه اه‍. ولو تنجس سلاحه بغير الدم بنجاسة لا يعفى عنها أمسكه عند العجز، وعليه القضاء أخذا من ذلك. (فإن عجز عن ركوع أو سجود أومأ) بهما للضرورة كما ثبت ذلك في صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما. (و) جعل (السجود أخفض) من الركوع ليحصل التمييز بينهما، فلا يجب على الماشي وضع جبهته على الأرض كما لا يجب عليه الاستقبال ولو في التحرم والركوع والسجود لما في تكليفه ذلك من تعرضه للهلاك، بخلاف نظيره في الماشي المتنفل في السفر كما مر، ولو أمكنه الاستقبال بترك القيام لركوبه ركب لأن الاستقبال آكد بدليل النفل.
تنبيه: هذان اللفظان منصوبان بتقدير جعل كما قدرته، وصرح به في المحرر. (وله ذا النوع) أي صلاة شدة الخوف حضرا أو سفرا، (في كل قتال وهزيمة مباحين) أي لا إثم فيهما، كقتال عادل ودافع عن نفسه أو غيره أو مال نفسه أو حرمه أو مال غيره أو حرمه، ولا إعادة عليه لأن المنع منه ضرر. ولا يختص هذا النوع بالقتال كما يعلم مما مر ومن قوله: (و) له ذلك في (هرب من) نحو (حريق وسيل وسبع) وحية لا يجد معدلا عنه بتحصين بشئ لوجود الخوف، (و) في هرب من (غريم) وهو مستحق الدين، (عند الاعسار) أي إعساره (وخوف حبسه) دفعا لضرر الحبس.
وهذا حيث لا بينة له، ولا يصدقه المستحق ولو كان له بينة، ولكن الحاكم لا يسمعها إلا بعد الحبس، فهي كالعدم كما بحثه بعض المتأخرين. وفي هرب من مقتص يرجو بسكون غضبه بالهرب عفوه، وخرج بذلك العاصي بالقتال كالبغاة بغير تأويل وقطاع الطريق، والعاصي بفراره كهزيمة مسلم من كافرين في الصف، فلا يصلون هذه الصلاة لأن الرخص لا تناط بالمعاصي، ولا يصليها طالب لعدو منهزم منه خاف فوت العدو لو صلى متمكنا، لأنه لم يخف فوت ما هو حاصل بل هو محصل. والرخص لا تجاوز محلها إلا إن خشي كرتهم عليه أو كمينا أو انقطاعه عن رفقته كما صرح به الجرجاني، فله أن يصليها لأنه خائف. ويؤخذ من ذلك أنه لو خطف شخص عمامته أو مداسه مثلا وهرب به وأمكنه تحصيله أن له هذه الصلاة لأنه خاف فوت ما هو حاصل عنده، وهذا كله إن خاف فوت الوقت، كما صرح به ابن الرفعة وغيره. قال الأذرعي: وكما تجوز صلاة شدة الخوف كذلك تجوز أيضا صلاة الخوف من باب أولى، وبه صرح الجرجاني، فيصلي بطائفة ويستعمل طائفة برد السيل وإطفاء الحريق ودفع السبع ونحو ذلك. (والأصح منعه لمحرم خاف فوت الحج) بفوات وقوف عرفة لو صلى متمكنا، لأنه لم يخف فوت ما هو حاصل، بل يروم تحصيل ما ليس بحاصل، فأشبه خوف فوات العدو عند انهزامهم كما مر. والثاني: يجوز له أن يصليها لأن الضرر الذي يلحقه بفوات الحج لا ينقص عن ضرر الحبس أياما في حق المديون المعسر، وصحح هذا الشيخ عز الدين في قواعده. وعلى الأول يؤخر الصلاة ويحصل الوقوف كما صوبه المصنف خلافا للرافعي لأن قضاء الحج صعب وقضاء الصلاة هين. فقد جوزنا تأخير الصلاة لأمور لا تقارب المشقة فيها هذه المشقة كالتأخير للجمع، وعلى هذا يجب تأخير الصلاة كما ذكره ابن الرفعة في كفايته أول كتاب الصلاة. ومحل الخلاف إذا تحقق فوات كل الصلاة، فلو علم أنه لو مضى أدرك الحج وأدرك ركعة من الوقت وجب المضي قطعا كما حكاه البغوي في فتاويه عن شيخه القاضي حسين، ولو ضاق وقت الصلاة وهو بأرض مغصوبة أحرم ماشيا كهارب من حريق كما قاله القاضي والجيلي.
فرع: يصلي عيد الفطر وعيد الأضحى وكسوف الشمس والقمر في شدة الخوف صلاتها لأن يخاف فوتها ويخطب لها إن أمكن، بخلاف صلاة الاستسقاء لأنها لا تفوت، ويؤخذ من ذلك أنها تشرع في غير ذلك أيضا كسنة الفريضة والتراويح، وأنها لا تشرع في الفائتة بعذر إلا إذا خيف فوتها بالموت. (ولو صلوا) صلاة شدة الخوف ( لسواد) كإبل
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532