كما لو قطعها على فرس جواد في بعض يوم. ولو شك في طول سفره اجتهد، فإن ظهر له أن القدر المعتبر قصر وإلا فلا، وعليه حمل إطلاق الشافعي عدم القصر. وثاني الشروط: قصد محل معلوم كما قال: (ويشترط قصد موضع) معلوم (معين) أو غير معين (أولا) أي أول سفره ليعلم أنه طويل فيقصر أولا، (فلا قصر للهائم) وهو من لا يدري أين يتوجه، (وإن طال سفره) إذ شرط القصر أن يعزم على قطع مسافة القصر، ويسمى أيضا راكب التعاسيف، فقد قال أبو الفتوح العجلي: هما عبارة عن شئ واحد. قال الدميري: وليس كذلك، بل الهائم الخارج على وجهه لا يدري أين يتوجه وإن سلك طريقا مسلوكا، وراكب التعاسيف لا يسلك طريقا، فهما مشتركان في أنهما لا يقصدان موضعا معلوما وإن اختلفا فيما ذكرناه اه. ويدل له جمع الغزالي بينهما. (ولا طالب غريم وآبق يرجع متى وجده) أي مطلوبه منهما، (ولا يعلم موضعه) وإن طال سفره لانتفاء علمه بطوله أوله، نعم إن قصد سفر مرحلتين أولا كأن علم أنه لا يجد مطلوبه قبلهما قصر كما في الروضة وأصلها، وكذا قصد الهائم سفر مرحلتين كما شملته عبارة المحرر. وظاهر إطلاق الروضة أنه يترخص في هذه الحالة مطلقا، وهو كذلك كما اعتمده شيخي، وإن قال الزركشي: إنما يترخص في مرحلتين لا فيما زاد عليهما لأنه ليس له مقصد معلوم. ولو علم الأسير أن سفره طويل ونوى الهرب إن تمكن منه لم يقصر قبل مرحلتين ويقصر بعدهما، ولا أثر للنية بقطعه مسافة القصر وإن خالف في ذلك الأذرعي، ومثل ذلك يأتي في الزوجة والعبد إذا نوت الزوجة أنها متى تخلصت من زوجها رجعت، والعبد أنه متى أبق رجع فلا يترخصان قبل مرحلتين. وألحق بالزوجة والعبد الجندي، وبالفراق النشوز، وبالعتق الإباق.
فائدة: متى فات من له القصر بعد المرحلتين صلاة فيهما قصر في السفر لأنهما فائتة سفر طويل كما شمل ذلك قولهم: تقصر فائتة في السفر، نبه على ذلك شيخي. واحترز بقوله أولا عما إذا نوى مسافة القصر ثم نوى بعد مفارقة العمران الذي لا يقصر قبل مفارقته أو السور أنه إن وجد غرضه رجع، أو أن يقيم في طريقه ولو بمكان قريب أربعة أيام ترخص إلى أن يجد غرضه أو يدخل المكان لأن سبب الرخصة قد انعقد فيستمر حكمه إلى أن يوجد ما غير النية إليه، بخلاف ما إذا عرض له ذلك قبل مفارقة ما ذكر. فإن قيل: قياس ما قالوه من منع الترخص فيما لو نقل سفره المباح إلى معصية منعه فيما لو نوى أن يقيم ببلد قريب. أجيب بأن نقله إلى معصية مناف للرخص بالكلية، بخلاف ما نحن فيه. ودخل فيما قررت به كلام المصنف ما لو كان معلوما غير معين، بأن قصد قطع المسافة الطويلة مع عدم تعيين المقصد كأن خرج من مكة بنية أن يصل إلى بطن مرو ثم يشرق إلى المدينة الشريفة أو يغرب إلى ينبع، وكذا لو أخبر الزوج زوجته أو السيد عبده بأن سفره طويل ولم يعين موضعا. ولو نوى في سفره ذو السفر القصير الزيادة في المسافة بحيث يحصل بها مسافة القصر فليس له الترخص حتى يكون من مكان نيته إلى مقصده مسافة القصر ويفارق مكانه لانقطاع سفره بالنية، ويصير بالمفارقة مسافرا جديدا، ولو نوى قبل خروجه إلى سفر طويل إقامة أربعة أيام في كل مرحلة لم يقصر لانقطاع كل سفرة عن الأخرى. (ولو كان لمقصده) بكسر الصاد كما ضبطه المصنف بخطه، (طريقان طويل) يبلغ مسافة القصر (وقصير) لا يبلغها (فسلك الطويل لغرض) ديني أو دنيوي ولو مع قصد إباحة القصر (كسهولة) الطريق (أو أمن) أو زيارة أو عيادة، أو للسلامة من المكاسين، أو لرخص سفر ولو كان الغرض تنزها، (قصر) لوجود الشرط، وهو السفر الطويل المباح. (وإلا) بأن سلكه لمجرد القصر، أو لم يقصد شيئا كما في المجموع، (فلا) يقصر (في الأظهر) المقطوع به، لأنه طول الطريق على نفسه من غير غرض، فهو كما لو سلك الطريق القصير وطوله بالذهاب يمينا ويسارا حتى قطعها في مرحلتين. والثاني: يقصر لأنه طويل مباح. فإن قيل: