مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٦٥
ذلك الموضع سواء أكان مقصده أم في طريقه، أو نوى بموضع وصل إليه إقامة أربعة أيام انقطع سفره بالنية مع مكثه إن كان مستقلا. ولو أقام أربعة أيام بلا نية انقطع سفره بتمامها، لأن الله تعالى أباح القصر بشرط الضرب في الأرض، والمقيم والعازم على الإقامة غير ضارب في الأرض، والسنة بينت أن ما دون الأربع لا يقطع السفر، ففي الصحيحين: يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا وكان يحرم على المهاجرين الإقامة بمكة ومساكنة الكفار، فالترخص في الثلاث يدل على بقاء حكم السفر بخلاف الأربعة. ومنع عمر أهل الذمة الإقامة في الحجاز ثم أذن للتاجر منهم أن يقيم ثلاثة أيام، رواه مالك بإسناد صحيح. وفي معنى الثلاث ما فوقها ودون الأربعة، وألحق بإقامة الأربعة نية إقامتها. أما لو نوى الإقامة وهو سائر فلا يؤثر لأن سبب القصر السفر، وهو موجود حقيقة، وكذا لو نواها غير المستقل كالعبد ولو مكثا. (ولا يحسب منها) أي الأربعة (يوما دخوله وخروجه) إذا دخل نهارا (على الصحيح) لأن في الأول الحط وفي الثاني الرحيل وهما من أشغال السفر، والثاني: يحسبان كما يحسب في مدة مسح الخف يوم الحدث ويوم النزع. وفرق الأول بأن المسافر لا يستوعب النهار بالسير، وإنما يسير في بعضه وهو في يومي الدخول والخروج سائر في بعض النهار بخلاف اللبث فإنه مستوعب للمدة. وعلى القول بأنهما يحسبان إنما يحسبان بالتلفيق لا يومان كاملان، فلو دخل زوال السبت ليخرج زوال الأربعاء أتم، أو قبله قصر، فإن دخل ليلا لم تحسب بقية الليلة ويحسب الغد، ومقامه في هذه الحالة دون ما يقيمه لو دخل نهارا. واختار السبكي مذهب الإمام أحمد أن الرخصة لا تتعلق بعدد الأيام بل بعدد الصلوات فيترخص بإحدى وعشرين صلاة مكتوبة لأنه المحقق من فعله (ص) حين نزل بالأبطح، وعلى الصحيح يمكنه أن يصلي ثلاثا وعشرين صلاة.
تنبيه: عبر في الروضة بالأصح فاقتضى قوة الخلاف خلافا لتعبيره هنا بالصحيح، لكنه قال في المجموع عن الأول وبهذا قطع الجمهور. (ولو أقام ببلده) مثلا (بنية أن يرحل إذا حصلت حاجة يتوقعها كل وقت) أو حبسه الريح بموضع في البحر، (قصر ثمانية عشر يوما) غير يومي الدخول والخروج، لأنه (ص) أقامها بمكة عام الفتح لحرب هوازن يقصر الصلاة، رواه أبو داود عن عمران بن حصين والترمذي وحسنه وإن كان في سنده ضعف لأن له شواهد تجبره كما قال الشهاب شيخ الاسلام ابن حجر. وروي خمسة عشر، وسبعة عشر، وتسعة عشر، وعشرين رواها أبو داود وغيره، إلا تسعة عشر، فالبخاري عن ابن عباس، قال البيهقي: وهي أصح الروايات. وقد جمع الإمام وغيره بين الروايات ما عدا روايتي خمسة عشر وعشرين بأن راوي تسعة عشر عد يومي الدخول والخروج، وراوي سبعة عشر لم يعدهما، وراوي ثمانية عشر عد أحدهما فقط. وأما رواية خمسة عشر فضعيفة، ورواية عشرين وإن كانت صحيحة فشاذة كما قاله شيخ الاسلام المذكور آنفا. قال شيخنا: وهذا الجمع يشكل على قولهم: يقصر ثمانية عشر غير يومي الدخول والخروج. وقد يجمع بينهما ما عدا روايتي خمسة عشر وسبعة عشر بأن راوي العشرين عد اليومين وراوي ثمانية عشر لم يعدهما وراوي تسعة عشر عد أحدهما، وبه يزول الاشكال اه‍. وهذا جمع حسن. فإن قيل: لم قدم الشافعي رواية ثمانية عشر على تسعة عشر مع أنها أصح؟ أجيب بأن خبر عمران لم يضطرب عليه، وأما ابن عباس ففيه تسعة عشر وسبعة عشر. (وقيل) يقصر (أربعة) غير يومي الدخول والخروج لأن الترخص إذا امتنع بنية إقامتها فبإقامتها أولى، لأن الفعل أبلغ من النية. (وفي قول) يقصر (أبدا) أي بحسب الحاجة، لأن الظاهر أنه لو زادت حاجته (ص) على الثمانية عشر لقصر في الزائد أيضا (وقيل: الخلاف) المذكور، وهو في الزائد على الأربعة المذكورة (في خائف القتال) والمقاتل (لا التاجر ونحوه) كالمتفقه فلا يقصران في الزائد عليها قطعا، والفرق أن للحرب أثرا في تغيير صفة الصلاة. وأجاب الأول بأن القتال ليس هو المرخص، وإنما المرخص السفر، والمقاتل وغيره فيه سواء، وعلى الأول لو فارق مكانه ثم ردته الريح إليه فأقام فيه استأنف المدة، لأن إقامته فيه إقامة جديدة فلا تضم إلى الأولى
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532