ذلك، فسقط بذلك ما قيل إنه لا يسن السجود لكل ترك مأمور به ولا لكل فعل منهي عنه، وأنه أهمل سببا ثالثا وهو إيقاع بعض الفرض مع التردد في وجوبه كما إذا شك هل صلى ثلاثا أم أربعا، فإنه يقوم إلى الرابعة ويسجد كما سيأتي، قاله الأسنوي وغيره، ورده في الخادم أيضا بأن سبب السجود التردد في الركعة المفعولة زائدة، وهو راجع لارتكاب المنهي ولم يجب لأنه لم ينب عن فرض، بل شرع لترك غير واجب. والبدل: إما كالمبدل أو أخف منه، وبهذا فارق جبران الحاج لكونه بدلا عن واجب. (فالأول) من السببين وهو ترك مأمور به (إن كان ركنا وجب تداركه) بفعله ولا يغني عنه السجود، لأن حقيقة الصلاة لا توجد بدونه. (وقد يشرع) مع تداركه (السجود كزيادة) بالكاف، (حصلت بتدارك ركن كما سبق في) ركن (الترتيب) وهو الركن الثالث عشر من أركان الصلاة، وذلك من قوله: وإن سها فما بعد المتروك لغو إلى آخر المسألة، ففي تلك الصور كلها إذا تدارك سجد للسهو كما مر. ومراده ب ما سبق بيان الزيادة لا السجود فإنه لم يذكره هناك. وقد لا يشرع السجود بأن لا تحصل زيادة كما إذا ترك النية أو التحريم أو احتمل ذلك فإنه يستأنف الصلاة ولا سجود، وما لو كان المتروك السلام فتذكره عن قرب ولم ينتقل من موضعه فيسلم من غير سجود، فإن طال الفصل فهو مسألة السكوت الطويل، وقد مر في باب غير هذا أنه لا يبطل على الراجح. وقد يقال يسجد له أخذا مما سيأتي في تطويل الركن القصير بالسكوت، والصحيح أنه لا يسجد، أو انتقل عن موضعه فقد مر في الباب قبل هذا. فإن قيل: لا حاجة إلى قوله كزيادة حصلت إلخ، لعلم ذلك من قوله أو فعل منهي عنه. أجيب بأن المراد بالفعل المنهي عنه ما ليس من أفعال الصلاة غير مسألة الشك، والزيادة الحاصلة بتدارك الركن من أفعالها لكن لا يعتد بها لعدم الترتيب.
(أو) كان المتروك من المأمور به (بعضا وهو) ستة كما قاله الشيخان، الأول: (القنوت) الراتب، وهو قنوت الصبح وقنوت الوتر في النصف الثاني من رمضان دون قنوت النازلة لأنه سنة في الصلاة لا بعضها. والكلام فيما هو بعض منها، وترك بعض القنوت كترك كله، قاله الغزالي. والمراد ما لا بد منه في حصوله بخلاف ما لو ترك أحد القنوتين كأن ترك قنوت سيدنا عمر رضي الله عنه لأنه أتى بقنوت تام، وكذا لو وقف وقفة لا تسع القنوت إذا كان لا يحسنه لأنه أتى بأصل القيام، أفادنيه شيخي رحمة الله عليه وجعل قراره الجنة، وسيأتي أن ذلك لا يكفي. (و) ثانيها: (قيامه) أي القنوت الراتب، وإن استلزم تركه ترك القنوت. ولو ترك القنوت تبعا لإمامه الحنفي سجد للسهو لأن العبرة بعقيدة المأموم على الأصح، خلافا للقفال في عدم السجود فإنه بناه على طريقته من أن العبرة بعقيدة الإمام. (و) ثالثها: (التشهد الأول) لأنه (ص) ترك التشهد الأول من الظهر ناسيا وسجد قبل أن يسلم رواه الشيخان. واستثنى منه ما لو نوى أربعا وأطلق أو قصد أن يتشهد تشهدين فلا يسجد لترك أولهما ذكره في الذخائر في الكلام على النفل المطلق، وكذا ابن الرفعة عن الإمام، لكن فصل البغوي في فتاويه، فقال: يسجد لتركه إن كان على عزم الاتيان به فنسيه وإلا فلا، وهذا أظهر، وترك بعضه ككله قياسا على القنوت، والمراد به اللفظ الواجب في الأخير خاصة فلا يسجد لترك ما هو فيه سنة كما نبه على ذلك الأسنوي. ورابعها: ما ذكره بقوله: (أو قعوده) أي التشهد الأول وإن استلزم تركه ترك التشهد، لأن السجود إذا شرع لترك التشهد شرع لترك جلوسه لأنه مقصود، ويتصور تركه وترك قيام القنوت بأن لا يحسن التشهد أو القنوت فإنه يسن له أن يجلس أو يقف بقدره، فإذا لم يفعل سجد للسهو. وخامسها: ما ذكره بقوله: (وكذا الصلاة على النبي (ص) فيه) أي بعده، (في الأظهر) بناء على الأظهر أنها سنة فيه على ما مر، فقوله: (سجد) راجع للصور كلها.
والثاني: لا يسجد لترك الصلاة على النبي (ص) بناء على عدم استحبابها فيه. وقيس بالنسيان في ذلك العمد بجامع الخلل بل خلل العمد أكثر، فكان للجبر أحوج. (وقيل: إن تركه عمدا فلا) يسجد لتقصيره بتفويت السنة على نفسه، والناسي معذور فناسب أن يشرع له الجبر. ورد بما تقدم. وسادسها: ما أشار إليه بقوله: قلت: وكذا الصلاة على