مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٩٦
فصل: في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك مما سيأتي. (يتيمم بكل تراب) وهو اسم جنس، وقيل: جمع، واحدته ترابة. ومن فوائد الخلاف ما لو قال لزوجته: أنت طالق بعدد التراب، فعلى الأولى يقع طلقة، وعلى الثاني يقع ثلاث كما سيأتي إن شاء الله تعالى في محله. (طاهر) لقوله تعالى: * (فتيمموا صعيدا طيبا) * قال ابن عباس: هو التراب الطاهر، وقال الشافعي: تراب له غبار، وقوله حجة في اللغة، ويؤيده قوله تعالى: * (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) * فإن الاتيان ب‍ من الدالة على التبعيض يقتضي أن يمسح بشئ يحصل على الوجه واليدين بعضه. وأجاب بعض الأئمة ممن لا يشترط التراب بأن من لابتداء الغاية. وضعفه الزمخشري بأن أحدا من العرب لا يفهم من قول القائل: مسح برأسه من الدهن ومن الماء ومن التراب إلا معنى التبعيض، والاذعان للحق أحق من المراء اه‍. ويدل له من السنة قوله (ص): جعلت لي الأرض مسجدا وتربتها طهورا. رواه مسلم، وهذه الرواية مبينة للرواية المطلقة التي فيها: وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا. واسم التراب يدخل فيه الأصفر والأعفر والأحمر والأسود والأبيض. (حتى ما) يؤكل سفها، وهو الخراساني، أو (يداوي به) كالطين الأرمني - بكسر الهمزة وفتح الميم - إذا سحق لوقوع اسم التراب عليه، والبطحاء: وهو تراب بمسيل الماء فيه حصى دقاق، والسبخ بكسر الموحدة: وهو ما لا ينبت إذا لم يعله الملح، فإن علاه لم يصح التيمم به، والتراب الذي خرجت به أرضه من مدر لأنه تراب، لا من خشب، لأنه لا يسماه وإن أشبهه.
ولا أثر للعابها المختلط بالتراب، ولا أثر لتغير طين أسود ولو شوي وتسود، لأن اسم التراب لا يبطل بمجرد الشئ إلا ما صار رمادا. وإن انتفض من نحو كلب تراب ولم يعلم ترطبه عند التصاقه به بماء أو عرق أو غيره أجزأه لأنه طاهر حقيقة وأصالة، بخلاف ما إذا علم ذلك. (وبرمل) لا يلصق بالعضو ولو كان ناعما. (فيه غبار) منه ولو بسحقه، لأنه من طبقات الأرض والتراب جنس له، فلا يصح برمل ولو ناعما لا غبار فيه أو فيه غبار، لكن الرمل يلصق بالعضو لمنعه وصول التراب إلى العضو كما سيأتي في التراب المختلط بغيره. ويؤخذ من هذا شرط آخر في التراب، وهو أن يكون له غبار يعلق بالوجه واليدين، فإن كان جرشا أو نديا لا يرتفع له غبار لم يكف. (لا بمعدن) بكسر الدال كنفط وكبريت ونورة (وسحاقة خزف) وهو ما يتخذ من الطين ويشوى كالكيزان، إذ لا يسمى ذلك ترابا، ومثله سحاقة نحو آجر. ولا بتراب متنجس كمقبرة تيقن نبشها لاختلاطها بصديد الموتى. (و) لا بتراب (مختلط بدقيق ونحوه) كزعفران وجص لمنعه وصول التراب إلى العضو، بخلاف المختلط برمل لا يلصق بالعضو كما مر. ولو عجن التراب بنحو خل فتغير به ثم جف صح التيمم به. (وقيل إن قل الخليط جاز) كالماء القليل إذا اختلط بمائع، وفرق الأول بأن الموضع الذي علق به نحو الدقيق لا يصل إليه التراب لكثافته، بخلاف الماء فإنه لطيف فيجري على المحل الذي جرى عليه الخليط.
واختلف في ضبط القليل والكثير على هذا القول، فقال الإمام: الكثير ما يظهر في التراب، والقليل ما لا يظهر.
وقال الروياني وجماعة: تعتبر الأوصاف الثلاثة كما في الماء، وجرى على هذا المصنف في الروضة وغيرها . (ولا ب‍) - تراب (مستعمل على الصحيح) وبه قطع الجمهور لأنه أدي به فرض، فلم يجز استعماله ثانيا كالماء. والثاني: يجوز، لأنه لا يرتفع الحدث، فلا يتأثر بالاستعمال، بخلاف الماء. ويجري الخلاف في الماء المستعمل في طهارة دائم الحدث، فإن حدثه لا يرفع على الصحيح. (وهو) أي التراب المستعمل، (ما بقي بعضوه) حال التيمم، (وكذا ما تناثر) بالمثلثة بعد مسه العضو حالة التيمم، (في الأصح) المقطوع به كالمتقاطر من الماء. والثاني: لا يكون مستعملا، لأن التراب كثيف إذا علق منه شئ بالمحل منع غيره أن يلصق به، وإذا لم يلصق به فلا يؤثر، بخلاف الماء فإنه رقيق يلاقي جميع المحل. وهذا الوجه ضعيف جدا أو غلط فكان التعبير بالصحيح أولى. أما ما تناثر ولم يمس العضو بل لاقى ما لصق
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532