بالعضو فليس بمستعمل قطعا كالباقي بالأرض، وقول الرافعي: إنما يثبت للمتناثر حكم الاستعمال إذا انفصل بالكلية وأعرض المتيمم عنه مراده كما قال شيخي أن ينفصل عن الماسحة والممسوحة لا ما فهمه الأسنوي من أنه لو أخذه من الهواء قبل إعراضه عنه أنه يكفي. وعلم من حصر المستعمل فيما ذكر أنه يجوز أن يتيمم الجماعة أو الواحد مرات كثيرة من تراب يسير في خرقة ونحوها كما يجوز الوضوء مرات من إناء واحد. (ويشترط قصده) أي التراب، لقوله تعالى: * (فتيمموا صعيدا طيبا) * أي اقصدوا، فالآية آمرة بالتيمم: وهو القصد، والنقل طريقه. (فلو سفته ريح عليه) أي عضو من أعضاء التيمم، (فردده) عليه (ونوى لم يجزئ) بضم أوله، وإن قصد بوقوفه في مهب الريح التيمم لانتفاء القصد من جهته بانتفاء النقل المحقق له. والقصد المذكور لا يكفي هنا، بخلاف ما لو برز للمطر في الطهر بالماء فانغسلت أعضاؤه، لأن المأمور به فيه الغسل واسمه مطلق ولو بغير قصد بخلاف التيمم. (ولو يمم بإذنه) بأن نقل المأذون التراب إلى العضو وردده عليه، (جاز) على النص كالوضوء، لا بد من نية الآذن عند النقل وعند مسح الوجه كما لو كان هو المتيمم وإلا لم يصح جزما كما لو يممه بغير إذنه فإنه يكون كتعرضه للريح. (وقيل يشترط) لجواز أن ييممه غيره بإذنه. (عذر) لأنه لم يقصد التراب. وأجاب الأول بإقامة فعل مأذونه مقام فعله، لكن يستحب له أن لا يأذن لغيره في ذلك مع القدرة خروجا من الخلاف، بل يكره له ذلك كما صرح به الدميري، ويجب عليه عند العجز ولو بأجرة عند القدرة عليها. (وأركانه) أي التيمم هنا خمسة، وركن الشئ جانبه الأقوى. وعدها في الروضة سبعة، فجعل التراب والقصد ركنين، وأسقط في المجموع التراب وعدها ستة وجعل التراب شرطا. والأولى ما في الكتاب، إذ لو حسن عد التراب ركنا لحسن عد الماء ركنا في الطهر به، وأما القصد فداخل في النقل الواجب قرن النية به. الركن الأول: (نقل التراب) إلى العضو الممسوح بنفسه أو بمأذونه كما مر، فلو كان على العضو تراب فردده عليه من جانب إلى جانب لم يكف. وإنما صرح بالقصد مع أن النقل المقرون بالنية متضمن له رعاية للفظ الآية. (فلو) تلقى التراب من الريح بكمه أو يده ومسح به وجهه أو تمعك في التراب ولو لغير عذر أجزأه. فإن قيل: إن الحدث بعد الضرب وقبل مسح الوجه يضر، وكذا الضرب قبل الوقت أو مع الشك في دخوله، مع أن المسح بالضرب المذكور لا يتقاعد عن التمعك والضرب بما على الكم أو اليد، فينبغي جوازه في ذلك. أجيب بأنه يجوز عند تجديد النية كما لو كان التراب على يديه ابتداء، والمنع إنما هو عند عدم تجديدها لبطلانها وبطلان النقل الذي قارنته. ولو (نقل) التراب (من وجه إلى يد) بأن حدث عليه بعد زوال تراب مسحه عنه تراب، (أو عكس) أي نقله من يد إلى وجه أو نقله من يد إلى أخرى أو من عضو ورده إليه ومسحه به، (كفى في الأصح) لوجود مسمى النقل. والثاني: لا يكفي، لأنه منقول من محل الفرض، فهو كالنقل من بعض العضو إلى بعضه بالترديد. ودفع بأنه بالانفصال انقطع حكم ذلك العضو عنه بخلاف ترديده عليه، ولو مسح بما سفته الريح على كمه مثلا كفى لوجود النقل. (و) الركن الثاني: (نية استباحة الصلاة) ونحوها مما تفتقر استباحته إلى طهارة كطواف وحمل مصحف وسجود تلاوة، إذ الكلام الآن في صحة التيمم وأما ما يستباح به فسيأتي. ولو تيمم بنية الاستباحة ظانا أن حدثه أصغر فبان أكبر أو عكسه صح لأن موجبهما واحد، وإن تعمد لم يصح في الأصح لتلاعبه. فلو أجنب في سفره ونسي وكان يتيمم وقتا ويتوضأ وقتا أعاد صلاة الوضوء فقط لما ذكر، ولو نوى الظهر مقصورة عند جوازه فله الاتمام أو عند امتناعه لم يصح تيممه لعصيانه، قاله البغوي في فتاويه. (لا) نية (رفع حدث) أصغر أو أكبر أو الطهارة عن أحدهما، فلا يكفي لأن التيمم لا يرفعه. فإن قيل: الحدث الذي ينوى رفعه هو المنع من الصلاة، نحوها، وهذا يرفعه التيمم. أجيب بأن الحدث منع متعلقه كل صلاة فريضة كانت أو نافلة، وكل طواف فرضا كان أو نفلا وغير ذلك، وهذا المنع العام لا يرفعه التيمم، وإنما يرتفع به منع خاص، وهو المنع من فريضة فقط أو ونوافل أو نوافل فقط، والخاص غير العام. ويؤخذ
(٩٧)