الراحتين بالأخرى كما مر عند الفراغ من مسح الذراعين، وإنما لم يجب لأن فرضهما تأدى بضربهما بعد مسح الوجه.
وإنما جاز مسح الذراعين بترابهما لعدم انفصاله وللحاجة، إذ لا يمكن مسح الذراع بكفها فصار كنقل الماء من بعض العضو إلى بعضه كما قاله في المجموع. قال شيخنا: وينبغي أن يكون مراده بنقل الماء تقاذفه الذي يغلب كما عبر به الرافعي، وهو مراده بلا شك. (ويجب نزع خاتمه في الثانية) ليصل التراب إلى محله، ولا يكفي تحريكه، (والله أعلم ) وهذا بخلاف الوضوء لأن التراب كثيف لا يسري إلى ما تحت الخاتم بخلاف الماء. وأفهم أنه لا يجب في الأولى، وهو كذلك، بل هو مستحب ليكون مسح جميع الوجه باليد اتباعا للسنة. وإيجاب النزع إنما هو عند المسح لا عند النقل، وإن كان ظاهر عبارته الثاني. وإيجابه ليس لعينه، بل لايصال التراب إلى ما تحته، لأنه لا يتأتى غالبا إلا بالنزع، فإن فرض وصوله إلى ما تحته لوسعه مثلا لم يجب نزعه. والخاتم بفتح التاء وكسرها، قال تعالى: * (وخاتم النبيين) * قرئ بفتح التاء وكسرها. ويقال فيه خاتام وخيتام وختم بفتح الأول والثاني، وختام على وزن كتاب. ويسن عدم تكرار المسح، لأن المطلوب فيه تخفيف التراب، وأن يأتي بالشهادتين عقبه، وأن يستقبل القبلة كالوضوء فيهما. ولو مسح وجهه بيده النجسة لم يجز كالمسح عليها كما لا يصح غسلها عن الحدث مع بقاء النجاسة، ولان التيمم لإباحة الصلاة ولا إباحة مع المانع فأشبه التيمم قبل الوقت، وتقدم في آداب الخلاء وجوب تقديم الاستنجاء على التيمم، ويجب أيضا تقديم إزالة نجس بباقي البدن كما صححه في التحقيق في باب الاستنجاء، وهو المفتى به فإنه المنصوص في الام. ولو تنجس بدنه بعد أن تيمم لم يبطل تيممه. ويصح تيمم العريان ولو كان قادرا على السترة والتيمم قبل الاجتهاد في القبلة، قال في التحقيق:
كتيمم من عليه نجاسة، ونقله في الروضة وغيرها عن الروياني. وقضيته عدم الصحة، ويفرق بينه وبين الصحة مع العري بأن الستر أخف من معرفة القبلة بدليل صحة الصلاة مع العري بلا إعادة بخلافها مع عدم معرفة القبلة، هذا والأوجه الصحة كصحته قبل الستر. ويفارق إزالة النجاسة أنه أخف منها، ولهذا تصح صلاة من صلى أربع ركعات لأربع جهات بالاجتهاد بلا إعادة بخلاف إزالة النجاسة. والتشبيه المذكور لا يستلزم إتحاد المشبه والمشبه به في الترجيح.
ثم شرع في أحكام التيمم وهي ثلاثة: أحدها: ما يبطله غير الحدث المبطل له، وقد بدأ به فقال: (من تيمم لفقد ماء فوجده إن لم يكن في صلاة بطل) تيممه، وإن ضاق الوقت بالاجماع كما قاله ابن المنذر، ولخبر أبي ذر: التراب كافيك ولو لم تجد الماء عشر حجج فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك رواه الحاكم وصححه الترمذي وقال حسن صحيح، ولأنه لم يشرع في المقصود فصار كما لو رآه في أثناء التيمم. ووجود ثمن الماء عند إمكان شرائه كوجود الماء، وكذا توهم الماء وإن زال سريعا لوجوب طلبه، بخلاف توهمه السترة لا يجب عليه طلبها، لأن الغالب عدم وجدانها بالطلب للبخل بها. ومما يبطله أيضا الردة كما مر في الوضوء. ومن التوهم رؤية سراب وهو ما يرى نصف النهار كأنه ماء، أو رؤية غمامة مطبقة بقربه، أو رؤية ركب طلع، أو نحو ذلك مما يتوهم معه الماء، فلو سمع قائلا يقول: عندي ماء لغائب، بطل تيممه لعلمه بالماء قبل المانع، أو يقول: عندي لغائب ماء، لم يبطل تيممه لمقارنة المانع وجود الماء، ولو قال: عندي لحاضر ماء، وجب طلبه منه، ولو قال: لفلان ماء ولم يعلم السامع غيبته ولا حضوره وجب السؤال عنه، أي وبطل تيممه في الصورتين لما مر من أن وجوب الطلب يبطله. ولو سمعه يقول: عندي ماء ورد هل يبطل تيممه أو لا؟ فيه نظر، ولم أر من تعرض له، ثم رأيت بعض المتأخرين تعرض له وجزم ببطلان التيمم، ووجود ما ذكر قبل تمام تكبير الاحرام كوجوده قبل الشروع فيها، فإن قلت: هلا كان وجود الماء كوجود المكفر الرقبة بعد فراغه من الصوم، وكحيض المرأة بعد فراغها من العدة بالأشهر أجيب بأن الصوم والأشهر مقصودان بخلاف التيمم، أما بعد شروعه فيها فلا بطلان بتوهم أو شك أو ظن، وسيأتي حكم التيقن. واحترز بقوله: لفقد ماء عما إذا تيمم لمرض ونحوه فإنه إنما يبطل تيممه بالقدرة على استعماله، ولا أثر لوجوده وإنما يبطله وجود الماء أو توهمه. (إن لم يقترن بمانع) يمنع من استعماله (كعطش) وسبع، لأن وجوده والحالة هذه