يقدم الأول لأنه المالك أو الثاني لتحقق حاجته في الحال؟ وجهان، والراجح الثاني كما يعلم مما يأتي في الأطعمة اه. وهل تذبح قهرا شاة الغير التي لم يحتج إليها لكلبه المحترم المحتاج إلى الاطعام؟ وجهان، نقل في المجموع عن القاضي هنا أحدهما، وعلى نقله عن القاضي اقتصر في الأطعمة. نعم كالماء فيلزم مالكها بذلها له. والثاني: لا، لأن للشاة حرمة لأنها ذات روح.
والأوجه الأول. (ولو وهب له ماء) أو أقرضه (أو أعير دلوا) أو نحوه من آلات الاستقاء في الوقت، (وجب) عليه (القبول في الأصح) إذا لم يمكنه تحصيلها بشراء أو نحوه، لأن المسامحة بذلك غالبة فلا تعظم فيه المنة، فلو خالف وصلى متيمما أثم ولزمته الإعادة إلا أن يتعذر الوصول إليه بتلف أو غيره حالة تيممه فلا تلزمه الإعادة. والثاني: لا يجب قبول الماء للمنة كالثمن ولا قبول العارية إذا زادت قيمة المستعار على ثمن الماء لأنه قد يتلف، أي في غير المأذون فيه، فيضمن زيادة على ثمن الماء، أما تلفه في المأذون فيه فإنه لا ضمان فيه. وعلى الأول يجب عليه سؤال الهبة والعارية على الأصح إذا لم يحتج واهب الماء والمعير إليه وضاق الوقت عن طلب الماء، لأنه حينئذ يعد واجدا للماء ولا تعظم فيه المنة، وبهذا فارق عدم وجوب اتهاب الرقبة في الكفارة، فإن احتاج إليه الواهب لعطش حالا أو مآلا أو لغيره حالا أو اتسع الوقت لم يجب اتهابه كما اقتضاه كلامهم، ونقله الزركشي عن بعضهم وأقره وفي المجموع أنه لا يجب على مالك الماء الذي لا يحتاج إليه بذله لطهارة المحتاج إليه ببيع أو هبة أو قرض في الأصح. فإن قيل: لم وجب عليه قبول قرض الماء ولم يجب عليه قبول ثمنه وهو موسر به بمال غائب كما سيأتي؟ أجيب بأنه إنما يطالب بالماء عند الوجدان وحينئذ يهون الخروج عن العهدة، كذا وجهه الرافعي. فإن قيل: إن أريد وجدان الماء فقد نص الشافعي على أنه إذا أتلف الماء في مفازة ولقيه ببلد أن الواجب قيمته في المفازة، وإن أريد قيمته فقيمته وثمنه الذي يقرضه إياه سواء في المعنى، فإذن لا فرق. أجيب بأنا إنما أوجبنا على المتلف ذلك لتعديه، وأما المقترض فلم نأخذه إلا برضا من مالكه فيرد مثله مطلقا سواء أراد في البلد أم في المفازة وفاء بقاعدة القرض أنه يلزمه رد المثل، ولهذا يقول في عقد القرض: أقرضتك هذا، أو خذه بمثله، والمالك قد دخل على ذلك ووطن نفسه عليه، ومع التصريح بذلك فلا يغلظ على المقترض فيما هو عقد إرفاق. وأيضا لو قلنا إنه يلزم المقترض رد القيمة حيث تكون أكثر من المثل، لدخل ذلك في نهيه (ص) عن القرض الذي يجر منفعة. (ولو وهب ثمنه) أي الماء أو ثمن آلة الاستقاء أو أقرض ثمن ذلك وإن كان موسرا بمال غائب، (فلا) يجب قبوله بالاجماع لعظم المنة ولو من الوالد لولده. (ولو نسيه) أي الماء (في رحله أو أضله فيه فلم يجده بعد) إمعان (الطلب) وغلب على ظنه فقده، هذا تفسير إضلاله لأن النسيان لا يقال فيه ذلك وإذا غلب على ظنه فقده. (فتيمم) في الحالين وصلى ثم تذكره في النسيان ووجده في الاضلال، (قضى في الأظهر) لأنه في الحالة الأولى واجد للماء ولكنه قصر في الوقوف عليه فيقضي كما لو نسي ستر العورة وفي الثانية عذر نادر لا يدوم، والثاني: لا قضاء عليه في الحالين، لأن النسيان في الأولى عذر حال بينه وبين الماء فأشبه ما لو حال بينهما سبع ولأنه لم يفرط في الثانية في الطلب، ولو نسي ثمن الماء أو بئرا أو آلة الاستقاء كما بحثه بعض المتأخرين فالحكم كذلك. (ولو أضل رحله في رحال) بسبب ظلمة أو غيرها فتيمم وصلى ثم وجده وفيه الماء، فإن لم يمعن في الطلب قضى لتقصيره، وإن أمعن فيه (فلا يقضي) إذ لا ماء معه حال التيمم. وفارق إضلاله في رحله بأن مخيم الرفقة أوسع غالبا من مخيمه فلا يعد مقصرا. ويؤخذ منه كما قال شيخنا أن مخيمه إن اتسع كما في مخيم بعض الامراء يكون كمخيم الرفقة. ولو أدرج الماء في رحله ولم يشعر به أو لم يعلم ببئر خفية هناك فلا إعادة وكان الأولى تأخير هاتين المسألتين إلى آخر الباب عند ذكره ما يقضى من الصلاة، فإن الكلام الآن في الأسباب المبيحة. ولو تيمم لاضلاله عن القافلة، أو عن الماء، أو لغصب مائه فلا إعادة عليه بلا خلاف، ذكره في المجموع.
فروع: لو أتلف الماء في الوقت لغرض كتبرد وتنظف وتحير مجتهد لم يعص للعذر، أو أتلفه عبثا في الوقت أو بعده عصى لتفريطه بإتلاف ما تعين للطهارة. ولا إعادة عليه إذا تيمم في الحالين، لأنه تيمم وهو فاقد للماء، أما إذا أتلفه قبل الوقت