مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٨٥
يمنعان النضح كما في المجموع. وبقبل مضي الحولين ما بعدهما، إذ اللبن حينئذ كالطعام كما نقل عن النص. ولا بد مع النضح من إزالة أوصافه كبقية النجاسات، وإنما سكتوا عن ذلك لأن الغالب سهولة زوالها خلافا للزركشي من أن بقاء اللون والريح لا يضر. ثم شرع في القسم الثالث من النجاسة، وهي المتوسطة، فقال: (وما تنجس بغيرهما) أي الكلب ونحوه وبول الصبي المذكور، (إن لم تكن عين) أي عينية بأن كانت حكمية، وهي ما تيقن وجودها ولا يدرك لها طعم ولا لون ولا ريح. (كفى جري الماء) على ذلك المحل إذ ليس ثم ما يزال. والمراد بالجري وصول الماء إلى المحل بحيث يسيل عليه زائدا على النضح. ولو عبر بما قدرته لكان أولى وأقرب إلى مراده، إذ لا يلزم من نفي العين نفي الأثر. (وإن كانت) عينية (وجب) بعد زوال عينها (إزالة الطعم) وإن عسر، لأن بقاءه يدل على بقاء العين، ووجب محاولة إزالة غيره. (ولا يضر بقاء لون) كلون الدم (أو ريح) كرائحة الخمر (عسر زواله) فيطهر للمشقة، بخلاف ما إذا سهل فيضر بقاؤه لدلالة ذلك على بقاء العين. (وفي الريح قول) أنه يضر بقاؤه كسهل الزوال. قال في البسيط: هذا في رائحة تدرك عند شم الثوب دون ما يدرك في الهواء، وفي اللون وجه كذلك فترتكب المشقة في زوالهما. (قلت: فإن بقيا) بمحل واحد (معا ضرا على الصحيح والله أعلم) لقوة دلالتهما على بقاء العين. والثاني: لا يضر، لاغتفارهما منفردين فكذا مجتمعين والعسر من زوال ريح المغلظة أو لونها كغيرها كما يؤخذ من عموم كلامهم، وإن قال الزركشي: ينبغي خلافه. ولا تجب الاستعانة في زوال الأثر بغير الماء كصابون وحت بالمثناة وقرص بالمهملة، بل تسن إلا إذا تعينت بأن لم يزل إلا بها، وعلى هذا حمل الزركشي ما صححه المصنف في التحقيق والتنقيح من إطلاق وجوب الاستعانة.
فرع: ماء نقل من البحر فوضع في زبل فوجد فيه طعم زبل أو لونه أو رائحته حكم بنجاسته كما قاله البغوي في تعليقه، ولا يشكل عليه قولهم: ولا يحد بريح الخمر لوضوح الفرق، وإن احتمل أن يكون ذلك من قربه جيفة لم يحكم بنجاسته. ونظير ذلك ما مر من أنه لو رأى في فراشه أو ثوبه منيا، فإنه إن احتمل أن يكون من غيره لم يجب عليه الغسل وإلا وجب. (ويشترط ورود الماء) على المحل إن كان قليلا في الأصح لئلا يتنجس الماء لو عكس لما علم مما سلف أنه ينجس بمجرد وقوع النجاسة فيه. والثاني وهو قول ابن سريج: لا يشترط، لأنه إذا قصد بالغمس في الماء القليل إزالة النجاسة طهر كما لو كان الماء واردا بخلاف ما إذا ألقته الريح. (لا العصر) له (في الأصح) أي فيما يمكن عصره، إذ البلل بعض المنفصل، وقد فرض طهره. والخلاف مبني كما نبه عليه في المحرر على أن الغسالة طاهرة أو نجسة إن طهرناها لم يجب وإلا وجب، أما ما لا يمكن عصره فلا يشترط بلا خلاف. ويسن عصر ما يمكن عصره خروجا من الخلاف. (والأظهر طهارة غسالة) قليلة (تنفصل بلا تغير وقد طهر المحل) لأن البلل الباقي على المحل هو بعض المنفصل، فلو كان المنفصل نجسا لكان المحل كذلك فيكون المنفصل طاهرا لا طهورا لأنه مستعمل في خبث. والثاني: أنها نجسة لانتقال المنع إليها، فإن انفصلت متغيرة أو غير متغيرة ولم يطهر المحل فنجسة قطعا، وزيادة وزنها بعد اعتبار ما يأخذه المحل من الماء ويعطيه من الوسخ الطاهر كالتغير. ويحكم بنجاسة المحل فيما إذا انفصلت متغيرة أو زائدة الوزن، لأن البلل الباقي على المحل هو بعض ما انفصل كما مر. أما الكثيرة فطاهرة ما لم تتغير، وإن لم يطهر المحل كما علم مما مر في باب الطهارة. ويطهر بالغسل مصبوغ بمتنجس انفصل عنه ولم يزد المصبوغ وزنا بعد الغسل على وزنه قبل الصبغ وإن بقي اللون لعسر زواله، فإن زاد وزنه ضر، فإن لم ينفصل عنه لتعقده به لم يطهر لبقاء النجاسة فيه. والصقيل من سيف وسكين ونحوهما كغيره، فلا يكفي مسحه بل لا بد من غسله. ولو صب على موضع نحو بول أو خمر من أرض ماء غمره طهر ولو لم يغمر، أما إذا صب على نفس نحو البول فإنه لا يطهر لما علم مما مر أن شرط طهارة الغسالة أن لا يزيد وزنها، ومعلوم أن هذا يزيد وزنه. واللبن بكسر
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532