مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٩٥
غسل ما تحت أطرافه من الصحيح كما في التحقيق وغيره. وعليه يحمل قول الرافعي إنه بدل عما تحت الجبيرة، وقضية ذلك أنه لو كان الساتر بقدر العلة فقط أو بأزيد وغسل الزائد كله لا يجب المسح، وهو كذلك، فإطلاقهم وجوب المسح جرى على الغالب من أن الساتر يأخذ زيادة على محل العلة ولا يغسل. (وقيل) يكفي مسح (بعضها) كالخف والرأس، ويمسح الجنب ونحوه متى شاء، والمحدث وقت غسل عليله، ويشترط في السائر ليكتفي بما ذكر أن لا يأخذ من الصحيح إلا ما لا بد منه للاستمساك، ولو قدر على غسله بالتلطف المتقدم وجب لخبر: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم فإن تعذر ذلك أمس ما حوالي الجرح ماء بلا إفاضة كما في التحقيق وغيره. والفصد كالجرح الذي يخاف من غسله ما مر، فيتيمم له إن خاف استعمال الماء وعصابته كاللصوق ولما بين حبات الجدري حكم العضو الجريح إن خاف من غسله ما مر، فإذا ظهر دم الفصادة من اللصوق وشق عليه نزعه وجب عليه مسحه، ويعفى عن هذا الدم المختلط بالماء تقديما لمصلحة الواجب على دفع مفسدة الحرام. قال شيخي: كوجوب تنحنح مصلي الفرض حيث تعذرت عليه القراءة الواجبة. (فإذا تيمم) الذي غسل الصحيح وتيمم عن الباقي وأدى فريضة (لفرض ثان) وثالث وهكذا (ولم يحدث) بعد طهارته الأولى، (لم يعد الجنب) ونحوه (غسلا) لما غسله ولا مسحا لما مسحه. (ويعيد المحدث) غسل (ما بعد عليله) لأن التيمم بدل عن غسل العليل. ولا ترتيب في حق الجنب بين غسل العليل وبين ما بعده بخلاف المحدث، فإذا وجب إعادة تطهير عضو خرج ذلك العضو عن أن تكون طهارته تامة، فإذا أتمها أعاد ما بعدها كما لو نسي منه لمعة. (وقيل يستأنفان) أي الجنب ونحوه الغسل، والمحدث الوضوء. وهذا مخرج من القول بوجوب الاستئناف على ماسح الخف إذا نزعه، لأن كلا منهما طهارة مركبة من أصل وبدل، فإذا بطل البدل بطل الأصل. واستغرب في المجموع هذا الوجه فقال: اتفقت الطرق على عدم وجوب استئناف الغسل. وقال الرافعي: فيه خلاف كالوضوء، وهذا ضعيف متروك. (وقيل المحدث كجنب) فلا يحتاج إلى إعادة غسل ما بعد عليله، لأنه إنما يحتاج إليه لو بطلت طهارة العليل، وطهارة العليل باقية إذ يتنفل بها، وإنما يعيد التيمم لضعفه عن أداء فرض ثان بخلاف من نسي لمعة، فإن طهارة ذلك العضو لم تحصل. (قلت: الثالث أصح) لما قلناه، (والله أعلم) فيعيد كل منهما التيمم فقط. وهل إذا كان التيمم الأول متعددا هل يعيده كذلك حتى لو تيمم في الأول أربع تيممات يعيدها كلها أو لا؟ اختلف المتأخرون في ذلك، والذي ينبغي اعتماده كما قاله شيخي أنه يتيمم تيمما واحدا. والذي قال بالتعدد إنما يأتي على طريقة الرافعي لأجل الترتيب. وخرج بقوله ولم يحدث ما إذا أحدث، فإنه يعيد جميع ما مر، قال في المجموع: ولو أجنب صاحب الجبيرة اغتسل وتيمم ولا يجب عليه نزعها بخلاف الخف، والفرق أن في إيجاب النزع مشقة. ولو اغتسل الجنب وتيمم عن جراحة في غير أعضاء الوضوء ثم أحدث بعد أداء فريضة من صلاة أو طواف لم يبطل تيممه لأنه وقع عن غير أعضاء الوضوء، فلا يؤثر فيه الحدث، فيتوضأ ويصلي بوضوئه ما شاء من النوافل، ولو برأ - بتثليث الراء - وهو على طهارة بطل تيممه لزوال علته ووجب غسل موضع العذر كان أو محدثا، ويجب على المحدث أن يغسل ما بعد موضع العذر رعاية للترتيب، لأنه لما وجب إعادة تطهير عضو لبطلانه خرج عن كونه تام الطهر، فإذا أتمه وجب إعادة ما بعده كما لو أغفل لمعة بخلاف نحو الجنب ولا يستأنفان الطهارة، وبطلان بعضها لا يقتضي بطلان كلها، ولو توهم البرء - بفتح الباء وضمها - فرفع الساتر فبان خلافه لم يبطل تيممه بخلاف توهم الماء فإنه يبطله وإن تبين أن لا ماء لأن توهمه يوجب الطالب، وتوهم البرء لا يوجب البحث عنه. فإن قيل: قال في المجموع: لو سقطت جبيرته في الصلاة بطلت صلاته وإن لم يبرأ كانخلاع الخف فيشكل على ما هنا. أجيب بأن ما هنا محمول على ما إذا لم يظهر من الصحيح ما يجب غسله بأن لم يظهر منه شئ أصلا، بأن يكون اللصوق على قدر الجراحة وإن يكون العليل بحيث لا يلزمه إن يمر التراب عليه، وما هناك على ما إذا ظهر منه ولو كان على عضوه جبيرتان فرفع إحداهما لم يلزمه رفع الأخرى بخلاف الخفين، لأن لبسهما جميعا شرط بخلاف الجبيرتين. ذكره في المجموع.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532