المؤدي لحرمة الوقت. والظاهر كما قال الأذرعي أنه لا يجوز له أن يصلي ما رجا أحد الطهورين حتى يضيق الوقت.
وهذه الصلاة توصف بالصحة، ولهذا قال في المجموع: تبطل بالحدث والكلام ونحوهما. وظاهر كلامه أنها تبطل بالحدث ولو سبقه، وهو كذلك. (ويعيد) إذا وجد أحدهما، لأن هذا العذر نادر ولا دوام له، قال في المجموع نقلا عن الأصحاب: وإنما يعيد بالتيمم في محل يسقط به الفرض إذ لا فائدة في الإعادة به في محل لا يسقط به. وجزم به في التحقيق، وإن كان في نكته ما يخالف ذلك. ولو رأى أحد الطهورين في أثناء هذه الصلاة بطلت، وظاهره أنه لا فرق في التراب بين أن يكون في محل يغني التيمم فيه عن القضاء أو لا، خلافا للزركشي في الشق الثاني، لقوله تعالى: * (فلم تجدوا ماء فتيمموا) * ولم يقيد بكونه يسقط القضاء. قال في العباب: قال بعضهم ويندب له التيمم على نحو الصخر خروجا من خلاف من يجوزه، أي التيمم، ثم يقضي بالماء أو بالتيمم إن سقط فرضه به، ومن فوت صلاة عمدا وفقد الطهورين حرم عليه قضاؤها حينئذ للتسلسل اه. ومقابل الجديد أقوال، أحدها: تجب الصلاة بلا إعادة، وطرد ذلك في كل صلاة وجبت في الوقت مع خلل، وهو مذهب المزني واختاره المصنف في المجموع، قال: لأنه أدى وظيفة الوقت، وإنما يجب القضاء بأمر جديد. ثانيها: يندب له الفعل وتجب الإعادة. ثالثها: يندب له الفعل ولا إعادة. رابعها: يحرم عليه فعلها، ففي مسلم: لا تقبل صلاة بغير طهور لأنه عاجز عن الطهارة، فأشبه الحائض ومن على بدنه نجاسة يخاف من غسلها شيئا مما مر في مبيحات التيمم أو حبس عليها وجب عليه أن يصلي ويومئ بالسجود فيما إذا حبس عليها، بحيث لو سجد لسجد عليها بأن ينحني له بحيث لو زاد لأصابها، وهذا هو المعتمد كما جزم به في المجموع والتحقيق وإن كان مقتضى كلام أصل الروضة وضع جبهته على الأرض، وعلى كلا التقديرين يلزمه القضاء. وهؤلاء الثلاثة، وهم من لم يجد ماء ولا ترابا، ومن على بدنه نجاسة يخاف من غسلها، ومن حبس عليها، يصلون الفريضة فقط لأجل حرمة الوقت ولا يصلون النافلة، إذ لا ضرورة إليها. وتقدم أن صلاة الجنازة كالنفل في أنها تؤدى مع مكتوبة بتيمم واحد، وقياسه أن هؤلاء لا يصلونها وهو الظاهر، وجرى عليه الزركشي وغيره في فاقد الطهورين، ونقله في بابها عن مقتضى كلام القفال. قال في العباب: قال الجرجاني: ولا يتنفل العاري، وفيه نظر اه. والمعتمد أنه يتنفل لأنه لا يلزمه الإعادة لأنه يتم ركوعه وسجوده، وإن خالف بعض المتأخرين في ذلك. وعلم من منع هؤلاء صلاة النافلة منعهم من مس المصحف وحمله والجلوس في المسجد لمن به حدث أكبر، ولا يقرأ من به حدث أكبر في الصلاة غير الفاتحة عند المصنف، ويمنع من قراءتها أيضا عند الرافعي كما يمنع من القراءة خارج الصلاة. والمراد بالإعادة في كلام المصنف القضاء كما عبر به في المحرر لا المصطلح عليه عند الأصوليين وهو أن الإعادة حقيقة: ما وقع في الوقت، والقضاء: ما وقع خارجه. وهذه لا تعاد في الوقت لما تقدم أنه لا يصليها إلا عند ضيقه.
(ويقضي المقيم المتيمم) وجوبا (لفقد الماء) لندور الفقد وعدم دوامه. وفي قول: لا يقضي، واختاره المصنف لأنه أتى بالمقدور.
وفي قول: لا تلزمه الصلاة في الحال بل يصبر حتى يجده. وعلى الأول إذا كان حدثه أكبر هل يقرأ في الصلاة غير الفاتحة أو لا كفاقد الطهورين بجامع وجوب القضاء على كل منهما؟ ظاهر كلام الشيخين الأول، وظاهر كلام القاضي وصاحب الكافي الثاني، والأول أوجه. (لا المسافر) المتيمم لفقده، وإن قصر سفره على المشهور لعموم الفقد فيه. (إلا العاصي بسفره) كآبق وناشزة، ومن سافر ليتعب نفسه أو دابته عبثا فإنه يلزمه أن يصلي بالتيمم ويقضي (في الأصح) لأنه ليس من أهل الرخصة، والثاني: لا يقضي، لأنه لما وجب عليه صار عزيمة، وفي وجه ثالث: لا يستبيح التيمم أصلا، ويقال له: إن تبت استبحت وإلا أثمت بترك الصلاة. وكالعاصي بسفره العاصي بإقامته فيقضي، والجمعة لا تقضى فيصليها ويقضي الظهر كما قاله الدميري.
تنبيه: ما ذكره من القضاء في الإقامة وعدمه في السفر جرى على الغالب، فلو أقام في مفازة وطالت إقامته وصلاته بالتيمم فلا قضاء، ولو دخل المسافر في طريقه قرية وعدم الماء وصلى بالتيمم وجب القضاء، ولو استوى الأمران أي الوجود والعدم، فالظاهر كما بحثه بعض المتأخرين أن لا قضاء.