مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٧٤
فيأخذ كفا من ماء ويضع الاذن عليه برفق ليصل الماء إلى معاطفه وزواياه. (ثم يفيض الماء على رأسه ويخلله) أي شعر رأسه، وكذا شعر لحيته بالماء، وليست الواو في عبارته للترتيب. فيدخل أصابعه العشر فيشرب بها أصول الشعر، ثم يفيض الماء ليكون أبعد عن الاسراف في الماء، وأقرب إلى الثقة بوصول الماء. (ثم) يفيضه على (شقه الأيمن ثم الأيسر) لأنه عليه الصلاة والسلام كان يحب التيمن في طهوره، متفق عليه. (ويدلك) ما وصلت إليه يده من بدنه احتياطا وخروجا من خلاف من أوجبه، وإنما لم يجب عندنا لأن الآية والأحاديث ليس فيهما تعرض لوجوبه. (ويثلث) تأسيا به (ص) كما في الوضوء. وكيفية ذلك وإن لم تؤدها عبارة المصنف أن يتعهد ما ذكر، ثم رأسه ويدلكه ثلاثا، ثم باقي جسده كذلك بأن يغسل ويدلك شقه الأيمن المقدم ثم المؤخر، ثم الأيسر كذلك مرة، ثم ثانية، ثم ثالثة كذلك للأخبار الصحيحة الدالة على ذلك. قال شيخنا: وما قيل، أي ما قاله الأسنوي، أن المتجه إلحاقه بغسل الميت حتى لا ينتقل إلى المؤخر إلا بعد الفراغ من المقدم رد بسهولة ما ذكر هنا على الحي، بخلافه في الميت لما يلزم فيه من تكرير تقليب الميت قبل الشروع في شئ من الأيسر. ولو انغمس في ماء، فإن كان جاريا كفى في التثليث أن يمر عليه ثلاث جريات، لكن قد يفوته الدلك، لأنه لا يتمكن منه غالبا تحت الماء إذ ربما يضيق نفسه. وإن كان راكدا انغمس فيه ثلاثا بأن يرفع رأسه منه وينقل قدميه أو ينتقل من مقامه إلى آخر ثلاثا، ولا يحتاج إلى انفصال جملته ولا رأسه كما في التسبيع من نجاسة الكلب فإن حركته تحت الماء كجري الماء عليه. (وتتبع) المرأة غير المحرمة والمحدة (لحيض) أو نفاس، ولو كانت خلية أو بكرا. (أثره) أي أثر الدم (مسكا) فتجعله في قطنة وتدخلها الفرج بعد غسلها. وهو المراد بالأثر:
وهو بفتح الهمزة والمثلثة، ويجوز كسر الهمزة وإسكان الثاء، وذلك لما روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها: أن امرأة جاءت إلى النبي (ص) تسأله عن الغسل من الحيض، فقال: خذي فرصة من مسك فتطهري بها فقالت: كيف أتطهر بها؟ فقال (ص): سبحان الله، واستتر بثوبه - تطهري بها، فاجتذبتها عائشة فعرفتها أنها تتبع بها أثر الدم. ويكره تركه بلا عذر كما في التنقيح. والمسك فارسي معرب: الطيب المعروف، وكانت العرب تسميه المشموم، والنبي (ص) يسميه أطيب الطيب، رواه مسلم. (وإلا) أي وإن لم يتيسر بأن لم تجده أو لم تسمح به.
(فنحوه) مما فيه حرارة كالقسط والأظفار. فإن لم تجد طيبا فطينا، فإن لم تجده كفى الماء. أما المحرمة فيحرم عليها الطيب بأنواعه، والمحدة تستعمل قليل أظفار أو قسط. قال المحاملي في المقنع: كل موضع أصابه الدم تتبعه بالطيب.
قال الدميري: وهو شاذ لا يعرف لغيره. والصحيح أو الصواب أن المقصود به تطبيب المحل ودفع الرائحة الكريهة لا سرعة العلوق، فلذلك كان الأصح أنها تستعمله بعد الغسل. قال الزركشي: والمستحاضة ينبغي لها أن لا تستعمله لأنه يتنجس بخروج الدم، فيجب غسله فلا تبقى فيه فائدة. (ولا يسن تجديده) أي الغسل لأنه لم ينقل، ولما فيه من المشقة.
(بخلاف الوضوء) فيسن تجديده إذا صلى بالأول صلاة ما كما قاله المصنف في باب النذر من زوائد الروضة وشرح المهذب والتحقيق، وظاهره أنه لا فرق بين تحية المسجد وسنة الوضوء وغيرهما. فإن قيل: يتسلسل عليه الامر ويحصل له مشقة. أجيب بأن هذا مفوض إليه إن أراد زيادة الاجر فعل، نعم إن عارضه فضيلة أول الوقت قدمت عليه لأنها أولى منه كما أفتى به شيخي، أما إذا لم يصل به فلا يسن، فإن خالف وفعل لم يصح وضوؤه لأنه غير مطلوب، لما روى أبو داود وغيره أنه (ص) قال: من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات ولأنه كان في أول الاسلام يحب الوضوء لكل صلاة فنسخ وجوبه وبقي أصل الطلب. وشمل إطلاقه تجديده لماسح الخف وتقدم في بابه، والوضوء المكمل بالتيمم لجراحة ونحوها، وهو الظاهر كما نقله مجلي عن القفال وإن نظر فيه ابن الرفعة. (ويسن أن لا ينقص ماء الوضوء) في معتدل الجسد (عن مد) تقريبا، وهو رطل وثلث بغدادي، (والغسل عن صاع) تقريبا وهو أربعة أمداد، لحديث
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532