الغسل فقط فإنه لا يكفي، وتقدم شروط نية الغسل والفرق بينه وبين نية الوضوء في بابه. (مقرونة بأول فرض) وهو أول ما يغسل من البدن سواء أكان من أعلاه أم من أسفله إذ لا ترتيب فيه، فلو نوى بعد غسل جزء منه وجب إعادة غسله. وفي تقديمها على السنن وعزوبها قبل غسل شئ من المفروض ما مر في الوضوء، فإذا خلا عنها شئ من السنن لم يثبت عليه. ولو أتى بها من أول السنن وعزبت قبل أول الفروض لم تكف. فإن قيل: السنن التي قبله من محل الواجب، فإذا نوى عندها رفع الجنابة مثلا وقع فرضا، بخلاف سنن الوضوء التي قبله من غسل كفيه ومضمضة ونحو ذلك، لأنه ليس محلا للفرض، فلا يتصور أن تقترن النية بسنة قبل الغسل. أجيب بأن ذلك قد يتصور، كأن ينوي عند المضمضة ولم يمس الماء حمرة شفتيه كأن يتمضمض من إبريق. ويستحب أن يبتدئ النية مع التسمية كما صرح به في المجموع هنا، قال: وإذا اغتسل من إناء كإبريق ينبغي له أن ينوي عند غسل محل الاستنجاء بعد فراغه منه، لأنه إذا لم ينو عنده قد يغفل عنه أو يحتاج إلى المس فينتقض وضوؤه، أو إلى كلفة في لف خرقة على يده. قال الشارح:
ومقرونة بالرفع في خط المصنف، وقيل: بالنصب صفة نية المقدرة المنصوبة بنية الملفوظة اه. أما الفرع فعلى أنها صفة لقوله نية، وأما النصب فعلى أن مقرونة صفة لمصدر محذوف عامله المصدر الملفوظ به في كلام المصنف وتقديره:
وأقله أن ينوي كذا نية مقرونة، ف نية المقدرة مفعول مطلق، والعامل فيه نية الملفوظة، والمفعول المطلق مصدر وهو ينصب بمثله الذي هو نية لأنها مصدر. (و) ثانيهما: (تعميم شعره) ظاهرا وباطنا وإن كثف، ويجب نقض الضفائر إن لم يصل الماء إلى باطنها إلا بالنقض، لكن يعفى عن باطن الشعر المعقود، ولا يجب غسل الشعر النابت في العين والأنف وإن كان يجب غسله من النجاسة. (وبشره) حتى الأظفار وما يظهر من صماخي الاذنين، ومن فرج المرأة عند قعودها لقضاء الحاجة، وما تحت القلفة من الأقلف، وموضع شعر نتفه قبل غسله. قال البغوي: ومن باطن جدري اتضح.
فائدة: لو اتخذ له أنملة أو أنفا من ذهب أو فضة وجب عليه غسله من حدث أصغر أو أكبر ومن نجاسة غير معفو عنها، لأنه وجب عليه غسل ما ظهر من الإصبع والأنف بالقطع، وقد تعذر للعذر فصارت الأنملة والأنف كالأصليين.
(ولا تجب) في الغسل (مضمضة و) لا (استنشاق) بل يسن كما في الوضوء وغسل الميت. (وأكمله) أي الغسل (إزالة القذر) بالمعجمة، طاهرا كان كالمني أو نجسا كودي استظهارا، وإن قلنا: يكفي لهما غسلة واحدة. (ثم) بعد إزالة القذر (الوضوء) كاملا، ومنه التسمية للاتباع، رواه الشيخان. فهو أفضل من تأخير قدميه عن الغسل. (وفي قول يؤخر غسل قدميه) لما روى البخاري عن ميمونة في صفة غسل النبي (ص): أنه توضأ وضوءه للصلاة غير غسل القدمين قال في المجموع نقلا عن الأصحاب: وسواء أقدم الوضوء كله أم بعضه أم أخره أم فعله في أثناء الغسل فهو محصل للسنة، لكن الأفضل تقديمه. ثم إن تجردت الجنابة عن الحدث كأن احتلم وهو جالس متمكن نوى سنة الغسل وإلا نوى رفع الحدث الأصغر، وإن قلنا يندرج خروجا من خلاف من أوجبه. وإذا أخر الوضوء عن الغسل هل ينوي به رفع الحدث خروجا من خلاف من قال بعدم الاندراج أو سنة الغسل، ولان حدثه ارتفاع على الأصح؟ لم أر من تعرض له، والذي يظهر أخذا مما جمع به شيخي بين عبارة الكتاب وعبارة الروضة في الصلاة المعادة، وهو إن أراد الخروج من الخلاف نوى الفرض كما في الكتاب، وإن لم يرد ذلك نوى الطهر مثلا، ولا يحتاج لنية الفرضية كما في الروضة، وأن يقال هنا: إن أراد الخروج من الخلاف نوى رفع الحدث وإلا فسنة الغسل، فإن ترك الوضوء والمضمضة والاستنشاق كره له ويستحب له أن يتدارك ذلك، ولو توضأ قبل غسله ثم أحدث قبل أن يغتسل ولم يحتج لتحصيل سنة الوضوء إلى إعادته، بخلاف من غسل يديه في الوضوء ثم أحدث قبل المضمضة مثلا فإنه يحتاج في تحصيل السنة إلى إعادة غسلهما بعد نية الوضوء، لأن تلك النية بطلت بالحدث. (ثم) بعد الوضوء (تعهد معاطفه) كأن يأخذ الماء بكفه فيجعله على المواضع التي فيها انعطاف والتواء كالأذنين، وطبقات البطن، وداخل السرة، لأنه أقرب إلى الثقة بوصول الماء. ويتأكد في الاذن،