عليه الاسم في الرأس فرض والباقي تطوع، ومثله في ذلك ما أمكن فيه التجزي كالركوع، بخلاف ما لا يمكن كبعير الزكاة.
وجرى على هذا التفصيل شيخي، وهو تفصيل حسن. (ثم) بعد مسح الرأس يمسح (أذنيه) ظاهرهما وباطنهما بماء جديد، لأنه (ص) مسح في وضوئه برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما وأدخل أصبعيه في صماخي أذنيه ويأخذ لصماخيه أيضا ماء جديدا. وأشار ب ثم إلى اشتراط ترتيب الاذن على الرأس في تحصيل السنة كما هو الأصح في الروضة. ولو أخذ بأصابعه ماء لرأسه فلم يمسحه بماء بعضها ومسح به الاذنين كفى لأنه ماء جديد.
فائدة: روى الدارقطني وغيره عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله (ص): إن الله أعطاني نهرا يقال له الكوثر في الجنة لا يدخل أحد أصبعيه في أذنيه إلا سمع خرير ذلك النهر، قالت فقلت: يا رسول الله وكيف ذلك؟ قال: أدخلي إصبعيك في أذنيك وسدي فالذي تسمعين فيهما من خرير الكوثر. وهذا النهر تتشعب منه أنهار الجنة، وهو مختص بنبينا محمد (ص). ولا يسن مسح الرقبة، إذ لم يثبت فيه شئ، قال المصنف: بل هو بدعة. قال: وأما خبر: مسح الرقبة أمان من الغل فموضوع، وأثر ابن عمر: من توضأ ومسح عنقه وقي الغل يوم القيامة غير معروف. (فإن عسر رفع) نحو (العمامة) كالخمار والقلنسوة أو لم يرد رفع ذلك، (كمل بالمسح عليها) وإن لبسها على حدث، لخبر مسلم أنه (ص) توضأ فمسح بناصيته وعلى عمامته سواء أعسر عليه تنحيتها أم لا، كما قررته تبعا للشارح وصرح به في المجموع، وإن اقتضت عبارة المصنف خلافه. وأفهم قوله كمل أنه لا يكفي الاقتصار على العمامة، وهو كذلك. وهل يشترط لتحصيل السنة أن يكون التكميل بعد أو يكفي ولو قبل؟ لم أر من تعرض له، وظاهر التعبير بالتكميل يقتضي التأخر، والذي يظهر أنه لا فرق كما في غسل الرجل مع الساق. وظاهر التكميل يقتضي أيضا أنه يمسح ما عدا مقابل الممسوح من الرأس فيكون محصلا للسنة بذلك وهو الظاهر. (و) من سننه (تخليل اللحية الكثة) وكل شعر يكفي غسل ظاهره بالأصابع من أسفله، لما روى الترمذي وصححه: أنه (ص) كان يخلل لحيته، ولما روى أبو داود: أنه (ص) كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء فأدخله تحت حنكه فخلل به لحيته وقال: هكذا أمرني ربي. أما ما يجب غسله من ذلك كالخفيف والكثيف الذي في حد الوجه من لحية غير الرجل وعارضيه فيجب إيصال الماء إلى ظاهره وباطنه ومنابته بتخليل أو غيره. وظاهر كلام المصنف في سن التخليل أنه لا فرق بين المحرم وغيره، وهو المعتمد، كما اعتمده الزركشي في خادمه خلافا لابن المقري في روضه تبعا للمتولي، لكن المحرم يخلل برفق لئلا يتساقط منه شعر كما قالوه في تخليل شعر الميت. (و) من سننه تخليل (أصابعه) أي أصابع يديه ورجليه كما قاله في الدقائق، لخبر لقيط بن صبرة السابق في المبالغة. والتخليل في أصابع اليدين بالتشبيك بينها، وفي أصابع الرجلين يبدأ بخنصر الرجل اليمنى ويختم بخنصر الرجل اليسرى يخلل بخنصر يده اليسرى أو اليمنى كما رجحه في المجموع من أسفل الرجل. وإيصال الماء إلى ما بين الأصابع واجب بتخليل أو غيره إذا كانت ملتفة لا يصل الماء إليها إلا بالتخليل أو نحوه، فإن كانت ملتحمة لم يجز فتقها. قال الأسنوي: ولم يتعرض المصنف ولا غيره إلى تثليث التخليل، وقد روى الدارقطني والبيهقي بإسناد جيد كما قاله في شرح المهذب عن عثمان رضي الله عنه: أنه توضأ فخلل بين أصابع قدميه ثلاثا ثلاثا، وقال: رأيت رسول الله (ص) فعل كما فعلت. ومقتضى هذا استحباب تثليث التخليل اه.
وهذا ظاهر. (و) من سننه (تقديم اليمنى) على اليسرى من كل عضوين لا يسن غسلهما معا كاليدين والرجلين لخبر: إذا توضأتم فابدؤا بميامنكم رواه ابنا خزيمة وحبان في صحيحيهما، ولما مر أنه (ص) كان يحب التيامن في شأنه كله.
أي مما هو للتكريم: كالغسل، واللبس، والاكتحال، والتقليم، وقص الشارب، ونتف الإبط، وحلق الرأس، والسواك، ودخول المسجد، وتحليل الصلاة، ومفارقة الخلاء، والأكل والشرب، والمصافحة، واستلام الحجر والركن اليماني، والاخذ والاعطاء. والتياسر في ضده: كدخول الخلاء، والاستنجاء، والامتخاط، وخلع اللباس، وإزالة القذر، وقد تقدم بعض ذلك وكره عكسه. أما ما يسن غسلهما معا كالأذنين والخدين والكفين فلا يسن تقديم اليمنى فيها، نعم من به علة لا يمكنه