مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٠٨
أقرب اه‍. بل الأقرب إلى كلامهم الأول. قال الطبري: ولم يذكروا في الرمي حدا معلوما، غير أن كل جمرة عليها علم فينبغي أن يرمي تحته على الأرض، ولا يبعد عنه احتياطا. وقد قاله الشافعي رضي الله تعالى عنه: الجمرة مجتمع الحصى لا ما سال من الحصى، فمن أصاب مجتمعه أجزأه، ومن أصاب سائله لم يجزه. وحده بعض المتأخرين فقال: موضع الرمي ثلاثة أذراع من سائر الجوانب إلا في جمرة العقبة، فليس لها إلا وجه واحد، ورمي كثيرين من أعلاها باطل اه‍.
وهو قريب مما تقدم. (والسنة) في رمي يوم النحر وغيره، (أن يرمي) الجمرة لا بحجر كبير ولا صغير جدا بل (بقدر حصى الخذف) وهو دون الأنملة طولا وعرضا في قدر الباقلاء، فلو رمى بأكبر منه أو بأصغر كره وأجزأه. وهيئة الخذف كما قال الرافعي أن يضع الحجر على بطن الابهام ويرميه برأس السبابة، والأصح كما في الروضة والمجموع وغيرهما أنه يرميه على غير هيئة حصى الخذف. ويسن أن يرفع الذكر يده بالرمي حتى يرى بياض إبطه بخلاف المرأة والخنثى، وأن يكون الرمي باليد اليمنى، وأن يستقبل القبلة في رمي التشريق، وأن يرمي راجلا لا راكبا إلا في يوم النفر فالسنة أن يرمي راكبا لينفر عقبه، وأن يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي كما مر في رمي يوم النحر، وأن يرمي الجمرتين الأوليين من علو، وأن يدنو من الجمرة في رمي أيام التشريق بحيث لا يبلغه حصى الرامين، فيقف مستقبل القبلة ويدعو ويذكر الله تعالى ويهلل ويسبح بعد رمي الجمرة الأولى بقدر قراءة سورة البقرة، وكذا بعد رمي الثانية لا الثالثة، بل يمضي بعد رميها للاتباع في ذلك، رواه البخاري، إلا بقدر سورة البقرة فرواه البيهقي من فعل ابن عمر. (ولا يشترط بقاء الحجر في المرمى) فلا يضر تدحرجه بعد الوقوع فيه لحصول اسم الرمي. (ولا كون الرامي خارجا عن الجمرة) فلو وقف بعضها ورمى إلى الجانب الآخر منها صح لما مر من حصول اسم الرمي، ولو رمى الحجر فأصاب شيئا كأرض أو مجمل فارتد إليه المرمي لا بحركة ما أصابه أجزأه لحصوله في المرمى بفعله لا بمعاونة، بخلاف ما لو ارتد بحركة ما أصابه. ولو ردت الريح الحصاة إلى المرمى أو تدحرجت إليه من الأرض لم يضر إلا أن تدحرجت من ظهر بعير أو نحوه كعنقه ومحمل فلا يكفي.
ويشترط إصابة المرمى يقينا فلو شك فيها لم يكف، لأن الأصل عدم الوقوع فيه وبقاء الرمي عليه. وصرف الرمي بالنية لغير النسك كأن رمى إلى شخص أو دابة في الجمرة كصرف الطواف بها إلى غيره فينصرف لغيره، وإن بحث في المهمات إلحاق الرمي بالوقوف لأنه مما يتقرب به، وحده كرمي العدو فأشبه الطواف بخلاف الوقوف. وأما السعي فالظاهر كما قال شيخنا أخذا من ذلك أنه كالوقوف. (ومن عجز عن الرمي) لعلة لا يرجى زوالها قبل فوت وقت الرمي كمرض أو حبس، (استناب) من يرمي عنه وجوبا، كما قال الأسنوي: إنه المتجه ولو بأجرة حلالا كان النائب أو محرما، لأن الاستنابة جائزة في النسك، فكذلك في أبعاضه، فليس المراد العجز الذي ينتهي إلى اليأس، كما في استنابة الحج. ولا فرق في الحبس بين أن يكون بحق أم لا كما قاله في المجموع، خلافا لابن الرفعة في الحبس بحق. قال الأسنوي: وصورة المحبوس بحق أن يجب عليه قود لصغير، فإنه يحبس حتى يبلغ وما أشبه هذه الصورة. وأما إذا حبس بدين مقدر عليه فليس بعاجز عن الرمي، ويمكن حمل كلام ابن الرفعة على هذه الصورة. ويشترط في النائب أن يكون رمي عن نفسه أولا، فلو لم يرم وقع عن نفسه كأصل الحج. ويندب أن يناول النائب الحصى ويكبر إن أمكن وإلا تناولها النائب وكبر بنفسه، ولا ينعزل النائب بإغماء المستنيب كما لا ينعزل عنه وعن الحج بموته، لأن الاغماء زيادة في العجز المبيح للإنابة فلا يكون مفسدا لها، وفارق سائر الوكالات بوجوب الاذن هنا، فلو نوى في وقت بعد الرمي لم تلزمه الإعادة لكنها تسن. أما إغماء النائب فظاهر كلامهم أنه ينعزل به، وهو القياس. وما ذكر في هذا الفصل من شروط الرمي ومستحباته يأتي في رمي يوم النحر. (وإذا ترك رمي يوم) أو يومين من أيام التشريق عمدا أو سهوا أو جهلا، (تداركه في باقي الأيام) منها (في الأظهر) بالنص في الرعاء وأهل السقاية، وبالقياس في غيرهم، إذ لو كانت بقية الأيام غير صالحة للرمي لم يفترق الحال فيها بين المعذور وغيره كما في الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة. وكذا يتدارك رمي يوم النحر في باقي الأيام إذا تركه،
(٥٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532