مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٠٤
مسلم: أن رجلا جاء إلى النبي (ص) فقال: يا رسول الله إني حلقت قبل أن أرمي. فقال: ارم ولا حرج، وأتاه آخر فقال: إني أفضت إلى البيت قبل أن أرمي، فقال: ارم ولا حرج. وفي الصحيحين: أنه (ص) ما سئل عن شئ يومئذ قدم ولا أخر إلا قال: افعل ولا حرج. (ويدخل وقتها) إلا ذبح الهدي، (بنصف ليلة النحر) لمن وقف قبله، لخبر أبي داود بإسناد صحيح على شرط مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أنه (ص) أرسل أم سلمة ليلة النحر فرمت قبل الفجر ثم أفاضت. وقيس بالرمي الآخر أن يجامع أن كلا من أسباب التحلل، ووجهه الدلالة من الخبر بأنه (ص) علق الرمي بما قبل الفجر، وهو صالح لجمع الليل، ولا ضابط له، فجعل النصف ضابطا لأنه أقرب إلى الحقيقة مما قبله ولأنه وقت للدفع من مزدلفة ولأذان الصبح، فكان وقتا للرمي كما بعد الفجر. ويسن تأخيرها إلى بعد طلوع الشمس للاتباع. أما إذا فعلها بعد انتصاف الليل وقبل الوقوف فإنه يجب عليه إعادتها. وأما ذبح الهدي المسوق تقربا لله تعالى فيدخل وقته بدخول وقت الأضحية كما سيأتي. (ويبقى وقت الرمي إلى آخر يوم النحر) لما روى البخاري: أن رجلا قال للنبي (ص): إني رميت بعدما أمسيت، فقال: لا حرج. والمساء بعد الزوال، وظاهر كلامه أنه لا يكفي بعد الغروب، وبه صرح في أصل الروضة لعدم وروده. واعترض بأنه سيأتي أنه إذا أخر رمي يوم إلى ما بعده من أيام الرمي يقع أداء، وقضيته أن وقته لا يخرج بالغروب، وهذا هو المعتمد. وأجيب بحمل ما هنا على وقت الاختيار، وما هناك على وقت الجواز. وقد صرح الرافعي بأن وقت الفضيلة لرمي يوم النحر ينتهي بالزوال، فيكون لرميه ثلاثة أوقات: وقت فضيلة إلى الزوال، ووقت اختيار إلى الغروب، ووقت جواز إلى آخر أيام التشريق. (ولا يختص الذبح) للهدي المتقرب به، (بزمن) لكنه يختص بالحرم، بخلاف الضحايا فتختص بالعيد وأيام التشريق. (قلت: الصحيح اختصاصه بوقت الأضحية، وسيأتي) للمحرر (في آخر باب محرمات الاحرام على الصواب، والله أعلم) وعبارته هناك:
ووقته وقت الأضحية على الصحيح، هذا بناه المصنف على ما فهمه من أن مراد الرافعي بالهدي هنا: المساق تقربا لله تعالى، فاعترضه هنا وفي الروضة والمجموع. واعترض الأسنوي المصنف بأن الهدي يطلق على دم الجبرانات والمحظورات، وهذا لا يختص بزمان وهو المراد هنا، وفي قوله أولا ثم يذبح من معه هدي، وعلى ما يساق تقربا إلى الله تعالى، وهذا هو المختص بوقت الأضحية على الصحيح وهو المذكور في آخر باب محرمات الاحرام، فلم يتوارد الكلامان على محل واحد حتى يعد ذلك تناقضا. وقد أوضح الرافعي ذلك في باب الهدى من الشرح الكبير، فذكر أن الهدي يقع على الكل، وأن الممنوع فعله في غير وقت الأضحية هو ما يسوقه المحرم، لكنه لم يفصح في المحرر عن المراد كما أفصح عنه في الكبير، فظن المصنف أن المسألة واحدة فاستدرك عليه، وكيف يجئ الاستدراك مع تصريح الرافعي هناك بما يبين المراد اه‍. أي فكان الأولى للمصنف أن يحمل كلامه هنا على كلامه في الشرح الكبير وإن كان الهدي إنما ينصرف عند الاطلاق إلى ما يتعلق بذلك المحل، لأن الجمع حيث أمكن بين كلامين ظاهرهما التناقض يكون أولى من الاعتراض.
(والحلق) بالمعنى السابق، أو التقصير (والطواف والسعي) إن لم يكن فعل بعد طواف قدوم، (لا آخر لوقتها) لأن الأصل عدم التأقيت ويبقى من هي عليه محرما حتى يأتي بها كما في المجموع، لكن الأفضل فعلها يوم النحر. ويكره تأخيرها عن يومه، وعن أيام التشريق أشد كراهة، وعن خروجه من مكة أشد، ذكره في المجموع. وهذا صريح في جواز تأخيرها عن أيام الحج. فإن قيل: بقاؤه على إحرامه يشكل بقولهم: ليس لصاحب الفوات أن يصبر على إحرامه للسنة القابلة لأن استدامة الاحرام كابتدائه وابتداؤه لا يجوز. أجيب بأنه في تلك لا يستفيد ببقائه على إحرامه شيئا غير محض تعذيب نفسه لخروج وقت الوقوف، فحرم بقاؤه على إحرامه وأمر بالتحلل. وأما هنا فوقت ما أخره باق فلا يحرم
(٥٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532