التأخير لا التفويت. وإنما لم يأت إذا مات في أثناء وقت الصلاة في وقت يسعها لأن آخر وقتها معلوم فلا تقصير ما لم يؤخره عنه، والإباحة في الحج بشرط المبادرة قبل الموت. وإذا مات قبل فعله أشعر الحال بالتقصير، واعتبار إمكان الرمي نقله في الروضة عن التهذيب وأقره. قال الأسنوي: ولا بد من زمن يسع الحلق أو التقصير بناء على أنه ركن، ويعتبر الامن في السير إلى مكة للطواف ليلا اه. ولو تمكن من الحج سنين فلم يحج ثم مات أو عضب فعصيانه من السنة الأخيرة من سني الامكان لجواز التأخير إليها، فيتبين بعد موته أو عضبه فسقه في السنة الأخيرة بل وفيما بعدها في المعضوب، أي إن لم يحج عنه فلا يحكم بشهادته بعد ذلك. وينقض ما شهد به في السنة الأخيرة، بل وفيما بعدها في المعضوب إلى ما ذكر، كما في نقض الحكم بشهود بان فسقهم. فإن حج عنه الوارث بنفسه أو باستئجار سقط الحج عن الميت، ولو فعله الأجنبي جاز ولو بلا إذن، كما له أن يقضي دينه بلا إذن، ذكر ذلك في المجموع. بخلاف الصوم فلا بد فيه من إذن كما مر، لأنه عبادة بدنية محضة بخلاف الحج، فإن لم يخلف تركة لم يجب على أحد أن يحج عنه لا على الوارث ولا في بيت المال. فإن لم يتمكن من الأداء بعد الوجوب كأن مات أو جن أو تلف ماله قبل حج الناس لم يقض من تركته على الأصح، والعمرة في ذلك كله كالحج. فإن قيل: يستثنى من إطلاق المصنف ما لو لزمه الحج ثم ارتد ومات مرتدا، فإنه لا يقضي من تركته على الصحيح أو الصواب، لأنه لو صح لوقع عنه. أجيب بأن ذلك خرج بقوله: من تركته لأنه إذا مات على الردة لا تركة له على الأظهر، لأنه تبين زوال ملكه بالردة. (والمعضوب) بضاد معجمة من العضب وهو القطع، كأنه قطع عن كمال الحركة، وبصاد مهملة كأنه قطع عصبه. ووصفه المصنف بقوله: (العاجز عن الحج بنفسه) حالا أو مآلا لكبر أو زمانة أو غير ذلك. وهذه الصفة صفة كاشفة في معنى التفسير للمعضوب، وليست خبرا له بل الخبر جملتا الشرط والجزاء في قوله: (إن وجد أجرة من يحج عنه بأجرة المثل) أي مثل مباشرته، أي فما دونها. (لزمه) الحج بها لأنه مستطيع بغيره، لأن الاستطاعة كما تكون بالنفس تكون ببذل المال وطاعة الرجال، ولهذا يقال لمن لا يحسن البناء: إنك مستطيع بناء دارك، إذا كان معه ما يفي ببنائها. وإذا صدق عليه أنه مستطيع وجب عليه الحج للآية، وفي الصحيحين: أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله إن فريضة الله تعالى على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم وذلك في حجة الوداع. نعم إن كان بمكة أو بينه وبينها دون مسافة القصر لزمه أن يحج بنفسه لقلة المشقة عليه، نقله في المجموع عن المتولي وأقره. قال السبكي: ولك أن تقول إنه قد لا يمكنه الاتيان به فيضطر إلى الاستنابة اه. وهذا ظاهر.
تنبيه: لو لم يجد إلا أجرة ماش، قيل: لا يلزمه الاستئجار إذا كان السفر طويلا كما لا يكلف الخروج ماشيا، والأصح اللزوم لأنه لا مشقة عليه في مشي غيره إلا إذا كان أصلا أو فرعا كما يؤخذ مما سيأتي في المطاع. وكلام المصنف قد يفهم أن المعضوب لو استأجر من يحج عنه فحج عنه ثم شفي أنه يجزئه، والأصح عدم الاجزاء، ولا يقع الحج عنه على الأظهر فلا يستحق الأجير الأجرة كما رجحاه هنا وإن رجحا قبله بيسير أنه يستحق، فقد قال في المهمات: إن المذكور هنا هو الصواب. (ويشترط كونها) أي الأجرة السابقة، (فاضلة عن الحاجات المذكورة فيمن حج بنفسه) وتقدم بيانها. (لكن لا يشترط نفقة العيال) ولا غيرها من مؤنهم، (ذهابا وإيابا) لأنه إذا لم يفارق أهله يمكنه تحصيل نفقتهم ونفقته كنفقتهم، كما حكاه ابن الرفعة عن البندنيجي وأقره. نعم يشترط كون الأجرة فاضلة عن مؤنتها من نفقة وكسوة وغير ذلك، وعن مؤنته يوم الاستئجار، ولو عبر بالمؤنة بدل النفقة لكان أولى ليشمل ما زدته. (ولو) وجد دون الأجرة ورضي به أجير لزمه الاستئجار لأنه مستطيع، والمنة فيه ليست كالمنة في المال. فلو لم يجد أجرة و (بذل) - بالمعجمة - أي أعطى له - (ولده أو أجنبي مالا للأجرة لم يجب قبوله في الأصح) لما في قبول المال من المنة، والثاني: يجب، كبذل الطاعة. والخلاف