مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٦١
(ص) أخره إلى السنة العاشرة بلا مانع، وقيس به العمرة، لكن التأخير إنما يجوز بشرط العزم على الفعل في المستقبل كما مر بيانه في الصلاة، وأن لا يتضيق بنذر أو قضاء أو خوف عضب، فلو خشي من وجب عليه الحج أو العمرة العضب حرم عليه التأخير لأن الواجب الموسع إنما يجوز تأخيره بشرط أن يغلب على الظن السلامة إلى وقت فعله. قال في المجموع قال المتولي: ومثله من خشي هلاك ماله. (وشرط صحته) أي ما ذكر من حج أو عمرة، (الاسلام) فقط، فلا يصح من كافر أصلى أو مرتد لعدم أهليته للعبادة، ولو ارتد في أثناء نسكه بطل في الأصح فلا يمضي في فاسده. وعبارة الكتاب ليست صريحة في نفي اشتراط ما عدا الاسلام، ولذلك قيدته ب‍ فقط مع أن المحرر قد صرح به، فقال: ولا يشترط لصحة الحج للشخص إلا الاسلام، وقول الأذرعي: من شروط الصحة أيضا الوقت والنية ممنوع في النية، فإن النية من الأركان. وأما الوقت، أي اتساعه، ففيه خلاف يأتي، ولا يشترط في صحة ما ذكر تكليف. (فللولي) في المال ولو وصيا وقيما بنفسه وبمأذونه وإن لم يؤد الولي نسكه أو أحرم به. (أن يحرم عن الصبي الذي لا يميز ) لما رواه مسلم عن ابن عباس: أن النبي (ص) لقي ركبا بالروحاء، فرفعت امرأة إليه صبيا، فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال:
نعم ولك أجر، وفي رواية أبي داود: فأخذت بعضد صبي ورفعته من محفتها، وجه الدلالة منه أن الصبي الذي يحمل بعضده ويخرج من المحفة لا تميز له. (و) أن يحرم عن (المجنون) قياسا على الصبي، خلافا لكثير من العراقيين القائلين بالمنع، وإن نقله الأذرعي عن الجمهور واختاره، وفرق بأن الصبي من نوع من يصح عبادته فينوي الولي بقلبه جعل كل منهما محرما، أو يقول أحرمت عنه. ولا يشترط حضورهما ولا مواجهتهما بالاحرام، ولا يصير الولي بذلك محرما.
وللولي أن يحرم عن المميز أيضا وإن أفهمت عبارته خلافه، فلو عبر بقوله ولو لم يميز أو ميز كان أولى. وله أن يأذن له في الاحرام، ولا يصح إحرامه بغير إذن وليه كما سيأتي. والمراد بالصبي والمجنون: الجنس الصادق بالذكر والأنثى، وأفهم كلام المصنف أنه لا يجوز لغير الولي كالجد مع وجود الأب الاحرام عمن ذكر، وهو الصحيح. وأجابوا عما يوهمه الحديث السابق من جواز إحرام الام عنه باحتمال أنها كانت وصية أو أن الاجر الحاصل لها إنما هو أجر الحمل والنفقة، إذ ليس في الحديث تصريح بأنها التي أحرمت به أو أن الولي أذن لها، فإن للولي أن يأذن لمن يحرم عن الصبي كما علم مما مر، وصرح به في زيادة الروضة. ولو أحرم به الولي ثم أعطاه لمن يحضره الحج صح بلا خلاف، وحيث صار الصبي غير المميز محرما فعلى الولي المذكور به وكذا بالمجنون ما لا يتأتى منه. ولا يكفي فيه فعل الولي فقط بل لا بد من استصحابه معه فيطوف به ويسعى، ولكن يركع عنه ركعتي الاحرام والطواف، فإن أركبه الولي في الطواف والسعي فليكن سائقا أو قائدا للدابة، فإن لم يفعل لم يصح طوافه. قال الأسنوي: والمتجه الجزم بوجوب طهارة الخبث وستر العورة في الطواف، وقضيته أنه لا يشترط طهارة الحدث، وهو الموافق لما مر في صفة الوضوء، لكن قال الماوردي:
ينبغي أن يكون الولي والصبي متوضئين فيه. فإن كان الصبي متوضئا دون الولي لم يجزه، أو بالعكس فوجهان. وكأنه اغتفر صحة وضوء غير المميز للضرورة كما اغتفرت صحة طهر المجنونة التي انقطع حيضها لتحل لحليلها المسلم. ويؤخذ من التشبيه أن الولي ينوي عنه، وهذا هو الظاهر. ويحضر الولي من ذكر المواقف وجوبا في الواجبة وندبا في المندوبة.
فإن قدر من ذكر على الرمي رمى وجوبا، فإن عجز عن تناول الأحجار ناولها له وليه. فإن عجز عن الرمي استحب للولي أن يضع الحجر في يده ثم يرمي به بعد رميه عن نفسه، فإن لم يكن رمى عن نفسه وقع الرمي عن نفسه وإن نوى به الصبي. ولو فرط الصبي في شئ من أعمال الحج كان وجوب الدم في مال الولي. ويجب عليه منعه من محظورات الاحرام، فإن ارتكب منها شيئا وهو مميز وتعمد فعل ذلك فالفدية في مال الولي في الأظهر، أما غير المميز فلا فدية في ارتكابه محظورا على أحد. والنفقة الزائدة بسبب السفر في مال الولي في الأصح لأنه المورط له في ذلك، وهذا بخلاف ما لو قبل للمميز نكاحا، إذ المنكوحة قد تفوت والنسك يمكن تأخيره إلى البلوغ. وفارق ذلك أجرة تعليمه ما ليس بواجب حيث وجبت في مال الصبي بأن مصلحة التعليم كالضرورة، لأنه إذا لم يفعلها الولي في الصغر احتاج
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532