نهاره) أي لحظة كانت اتباعا لزمن الاغماء من الإفاقة، فإن لم يفق ضر. والثاني، وقطع به بعضهم: يضر مطلقا كالحيض. والثالث: عكسه كالنوم. والرابع: إن أفاق في أوله صح وإلا فلا، ومال إليه ابن الصلاح وصححه الغزالي والفارقي. وإنما اشترط الأول إفاقة لحظة لأن الاغماء في الاستيلاء على العقل فوق النوم ودون الجنون، فلو قلنا إن المستغرق منه لا يضر كالنوم لألحقنا الأقوى بالأضعف، ولو قلنا إن اللحظة منه تضر كالجنون لألحقنا الأضعف بالأقوى، فتوسطنا وقلنا إن الإفاقة في لحظة كافية. ولو شرب مسكرا ليلا، فإن أفاق في بعض نهاره فهو كالاغماء في بعض النهار، وإلا لزمه القضاء، كذا نقلاه وأقراه. قال الأسنوي: ويعلم منه الصحة في شرب الدواء، أي إذا أفاق في بعض النهار بطريق الأولى. ولو مات في أثناء النهار بطل صومه كما لو مات في أثناء صلاته، وقيل لا يبطل كما لو مات في أثناء نسكه. ويشترط لصحة الصوم قابلية الوقت، فيصح الصوم في أيام السنة كلها إلا ما ذكره في قوله: (ولا يصح صوم العيد) أي الفطر والأضحى ولو عن واجب، للنهي عنه في خبر الصحيحين وللاجماع. ولو نذر صومه لم ينعقد نذره، (وكذا التشريق) أي أيامه وهي ثلاثة بعد الأضحى لا يصح صومها (في الجديد) ولو لمتمتع، للنهي عن صيامها كما رواه أبو داود بإسناد صحيح، وفي صحيح مسلم عن النبي (ص): أيام منى أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى وفي القديم:
يجوز صومها للمتمتع إذا عدم الهدى عن الأيام الثلاثة الواجبة في الحج، واختاره المصنف لما رواه البخاري عن ابن عمر وعائشة رضي الله تعالى عنهما أنهما قالا: لم يرخص في أيام التشريق أن يضمن إلا لمن يجد الهدي. وسميت هذه الأيام بذلك لأن الناس يشرقون فيها لحوم الأضاحي والهدايا أي ينشرونها، وهي الأيام المعدودة التي أمر الله فيها بذكره. (ولا يحل) أي يحرم ولا يصح (التطوع) بالصوم (يوم الشك) لقول عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه: من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم (ص) رواه أصحاب السنن الأربعة، وصححه الترمذي وغيره، والمعنى فيه القوة على صوم رمضان. وضعفه السبكي بعدم كراهة صوم شعبان، وهو ممنوع لأن النفس إذا ألفت شيئا هان عليها، ولهذا كان صوم يوم وفطر يوم أفضل من استمرار الصوم كما سيأتي. وقال الأسنوي: المعروف المنصوص الذي عليه الأكثرون الكراهة لا التحريم، والمعتمد ما في المتن. هذا إذا صامه (بلا سبب) يقتضي صومه، (فلو صامه) تطوعا بلا سبب (لم يصح) صومه (في الأصح) كيوم العيد يجامع التحريم. والثاني: يصح لأنه قابل للصوم في الجملة كما قال. (وله صومه عن القضاء والنذر) والكفارة من غير كراهة على الأصح مسارعة لبراءة الذمة، ولان له سببا فجاز كنظيره من الصلاة في الأوقات المكروهة. وإطلاقه يتناول قضاء المستحب، وهو نظير ما قالوه في الأوقات المكروهة أن قضاء الفائتة فيها جائز وإن كانت نافلة، وصورة قضاء المستحب هنا أن يشرع في صوم نفل ثم يفسده فإنه يسن قضاؤه كما قاله في الروضة. (وكذا لو وافق عادة تطوعه) قال في المجموع: سواء أكان يسرد الصوم أم يصوم يوما معينا كالاثنين والخميس، أو يصوم يوما ويفطر يوما فوافق صومه يوم الشك فله صيامه، وذلك لخبر الصحيحين: لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه، وقيس بالورد الباقي بجامع السبب. ولا يشكل هذا الخبر بخبر: إذا انتصف شعبان فلا تصوموا لتقدم النص على الظاهر. قال الأسنوي: ولو أخر صوما ليوقعه يوم الشك، فقياس كلامهم في الأوقات المنهي عن تحريمه، وسكت المصنف عن صومه عن رمضان احتياطا وهو ممتنع قطعا. فإن قيل: هلا استحب صومه إن أطبق الغيم خروجا من خلاف الإمام أحمد حيث قال بوجوب صومه حينئذ أجيب بأنا لا نراعي الخلاف إذا خالف سنة صريحة، وهي هنا خبر: فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين. (وهو) أي يوم الشك (يوم الثلاثين من شعبان إذا تحدث الناس برؤيته) أي بأن الهلال رؤي الليلة ولم يعلم من رآه ولم يشهد بها أحد. (أو شهد بها صبيان