صار كذلك في آخر الحول، والأصح الاجزاء اكتفاء بالأهلية في طرفي الوجوب والأداء. وقد يفهم أنه لا بد من العلم بكونه مستحقا في آخر الحول، فلو غاب عند الحول ولم تعلم حياته أو احتياجه لم يجزه، لكن في فتاوى الحناطي: الظاهر الاجزاء، وهو أقرب الوجهين في البحر، وهو المعتمد، ولم يصرح الشيخان بالمسألة. ومثل ذلك ما لو حصل المال عند الحول ببلد غير بلد القابض فإن المدفوع يجزئ عن الزكاة كما اعتمده شيخي، إذ لا فرق بين أن يغيب القابض عن بلد المال أو يخرج المال عن بلد القابض وإن كان في كلام بعض المتأخرين خلافه، وفي البحر: لو شك هل مات قبل الحول أو بعده أجزأ في أقرب الوجهين. وقضية كلام المصنف أن القابض إذا مات وهو معسر في أثناء الحول أنه يلزم المالك دفع الزكاة ثانيا إلى المستحقين، وهو كذلك. وقال في المجموع: هو الذي يقتضيه كلام الجمهور. (ولا يضر غناه بالزكاة) المعجلة، إما لكثرتها أو لتوالدها ودرها أو التجارة فيها أو غير ذلك، لأنه إنما أعطي الزكاة ليستغني فلا يكون ما هو المقصود مانعا من الاجزاء. وأيضا لو أخذناها منه لافتقر واحتجنا إلى ردها إليه، فإثبات الاسترجاع يؤدي إلى نفيه. ويضر غناه بغيرها كزكاة واجبة أو معجلة أخذها بعد أخرى وقد استغنى بها. واستشكل السبكي ما إذا كانتا معجلتين واتفق حولهما، إذ ليس استرجاع إحداهما بالأولى من الأخرى، ثم قال: والثانية أولى بالاسترجاع. وكلام الفارقي يشعر باسترجاع الأولى، والأول أوجه. أما إذا كانت الثانية واجبة فالأولى هي المسترجعة، وعكسه بالعكس، لأنه لا مبالاة بعروض المانع بعد قبض الزكاة الواجبة. أما إذا أخذهما معا فإنه لا استرداد، ولو استغنى بالزكاة وبغيرها لم يضر أيضا كما اقتضاه كلام المصنف وجزما به في الروضة وأصلها، لأنه بدونها ليس بغني خلافا لقول الجرجاني في شافيه أنه يضر. (وإذا لم يقع المعجل زكاة) لعروض مانع وجبت الزكاة ثانيا كما مرت الإشارة إليه. نعم لو عجل شاة من أربعين فتلفت بيد القابض لم يجب التجديد، لأن الواجب القيمة، ولا يكمل بها نصاب السائمة، و (استرد) المالك (إن كان شرط الاسترداد إن عرض مانع) عملا بالشرط لأنه مال دفعه عما يستحقه القابض في المستقبل، فإذا عرض ما يمنع الاستحقاق استرد، كما إذا عجل أجرة الدار ثم انهدمت في المدة. وفهم منه أنه ليس له الاسترداد قبل عروض المانع، وهو كذلك لأنه قد تبرع بالتعجيل فلم يكن له الرجوع فيه كمن عجل دينا مؤجلا. وفهم منه أيضا أنه إن شرط الاسترداد بدون مانع لا يسترد، وهو كذلك، قال الأسنوي: وفي صحة القبض حينئذ نظر اه. والظاهر الصحة. (والأصح أنه إن قال) عند دفعه بنفسه: (هذه زكاتي المعجلة فقط) أو علم القابض أنها معجلة، (استرد) لذكره التعجيل أو العلم به وقد بطل. والثاني: لا يسترد ويكون تطوعا.
تنبيه: لو عبر بالمذهب كان أولى، فإن الصحيح في المجموع وغيره هو القطع بالأول. ومحل الخلاف فيما إذا دفع المالك بنفسه كما قدرته، أما إذا فرق الامام فإنه يسترد قطعا إذا ذكر التعجيل، ولا حاجة إلى شرط الرجوع. وكان الأولى أن يصرح بعلم القابض كما قدرته، فإنه قد احتاج إليه بعد هذا في عكس المسألة وصرح به فقال: (و) الأصح، وصحح في الروضة القطع به، (أنه إن لم يتعرض للتعجيل) بأن اقتصر على ذكر الزكاة أو سكت ولم يذكر شيئا (ولم يعلمه القابض لم يسترد) ويكون تطوعا لتفريط الدافع بترك الاعلام عند الاخذ. والثاني: يسترد لظنه الوقوع عن الزكاة ولم يقع عنها. والثالث: إن كان المعطي هو الامام رجع، وإن كان هو المالك فلا، لأن الامام يعطي مال الغير فلا يمكن وقوعه تطوعا. واحترز بقوله: ولم يعلمه القابض عما إذا علمه عند القبض فإنه يسترد كما مر. ولو تجدد له العلم بعد القبض فهل هو كالمقارن أو لا؟ قال السبكي: في كلام أبي حامد والامام ما يفهم أنه كالمقارن وهو الأقرب.
(و) الأصح (أنهما لو اختلفا في مثبت الاسترداد) وهو التصريح بالرجوع عند عروض مانع، أو في ذكر التعجيل،