مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤١٧
صار كذلك في آخر الحول، والأصح الاجزاء اكتفاء بالأهلية في طرفي الوجوب والأداء. وقد يفهم أنه لا بد من العلم بكونه مستحقا في آخر الحول، فلو غاب عند الحول ولم تعلم حياته أو احتياجه لم يجزه، لكن في فتاوى الحناطي: الظاهر الاجزاء، وهو أقرب الوجهين في البحر، وهو المعتمد، ولم يصرح الشيخان بالمسألة. ومثل ذلك ما لو حصل المال عند الحول ببلد غير بلد القابض فإن المدفوع يجزئ عن الزكاة كما اعتمده شيخي، إذ لا فرق بين أن يغيب القابض عن بلد المال أو يخرج المال عن بلد القابض وإن كان في كلام بعض المتأخرين خلافه، وفي البحر: لو شك هل مات قبل الحول أو بعده أجزأ في أقرب الوجهين. وقضية كلام المصنف أن القابض إذا مات وهو معسر في أثناء الحول أنه يلزم المالك دفع الزكاة ثانيا إلى المستحقين، وهو كذلك. وقال في المجموع: هو الذي يقتضيه كلام الجمهور. (ولا يضر غناه بالزكاة) المعجلة، إما لكثرتها أو لتوالدها ودرها أو التجارة فيها أو غير ذلك، لأنه إنما أعطي الزكاة ليستغني فلا يكون ما هو المقصود مانعا من الاجزاء. وأيضا لو أخذناها منه لافتقر واحتجنا إلى ردها إليه، فإثبات الاسترجاع يؤدي إلى نفيه. ويضر غناه بغيرها كزكاة واجبة أو معجلة أخذها بعد أخرى وقد استغنى بها. واستشكل السبكي ما إذا كانتا معجلتين واتفق حولهما، إذ ليس استرجاع إحداهما بالأولى من الأخرى، ثم قال: والثانية أولى بالاسترجاع. وكلام الفارقي يشعر باسترجاع الأولى، والأول أوجه. أما إذا كانت الثانية واجبة فالأولى هي المسترجعة، وعكسه بالعكس، لأنه لا مبالاة بعروض المانع بعد قبض الزكاة الواجبة. أما إذا أخذهما معا فإنه لا استرداد، ولو استغنى بالزكاة وبغيرها لم يضر أيضا كما اقتضاه كلام المصنف وجزما به في الروضة وأصلها، لأنه بدونها ليس بغني خلافا لقول الجرجاني في شافيه أنه يضر. (وإذا لم يقع المعجل زكاة) لعروض مانع وجبت الزكاة ثانيا كما مرت الإشارة إليه. نعم لو عجل شاة من أربعين فتلفت بيد القابض لم يجب التجديد، لأن الواجب القيمة، ولا يكمل بها نصاب السائمة، و (استرد) المالك (إن كان شرط الاسترداد إن عرض مانع) عملا بالشرط لأنه مال دفعه عما يستحقه القابض في المستقبل، فإذا عرض ما يمنع الاستحقاق استرد، كما إذا عجل أجرة الدار ثم انهدمت في المدة. وفهم منه أنه ليس له الاسترداد قبل عروض المانع، وهو كذلك لأنه قد تبرع بالتعجيل فلم يكن له الرجوع فيه كمن عجل دينا مؤجلا. وفهم منه أيضا أنه إن شرط الاسترداد بدون مانع لا يسترد، وهو كذلك، قال الأسنوي: وفي صحة القبض حينئذ نظر اه‍. والظاهر الصحة. (والأصح أنه إن قال) عند دفعه بنفسه: (هذه زكاتي المعجلة فقط) أو علم القابض أنها معجلة، (استرد) لذكره التعجيل أو العلم به وقد بطل. والثاني: لا يسترد ويكون تطوعا.
تنبيه: لو عبر بالمذهب كان أولى، فإن الصحيح في المجموع وغيره هو القطع بالأول. ومحل الخلاف فيما إذا دفع المالك بنفسه كما قدرته، أما إذا فرق الامام فإنه يسترد قطعا إذا ذكر التعجيل، ولا حاجة إلى شرط الرجوع. وكان الأولى أن يصرح بعلم القابض كما قدرته، فإنه قد احتاج إليه بعد هذا في عكس المسألة وصرح به فقال: (و) الأصح، وصحح في الروضة القطع به، (أنه إن لم يتعرض للتعجيل) بأن اقتصر على ذكر الزكاة أو سكت ولم يذكر شيئا (ولم يعلمه القابض لم يسترد) ويكون تطوعا لتفريط الدافع بترك الاعلام عند الاخذ. والثاني: يسترد لظنه الوقوع عن الزكاة ولم يقع عنها. والثالث: إن كان المعطي هو الامام رجع، وإن كان هو المالك فلا، لأن الامام يعطي مال الغير فلا يمكن وقوعه تطوعا. واحترز بقوله: ولم يعلمه القابض عما إذا علمه عند القبض فإنه يسترد كما مر. ولو تجدد له العلم بعد القبض فهل هو كالمقارن أو لا؟ قال السبكي: في كلام أبي حامد والامام ما يفهم أنه كالمقارن وهو الأقرب.
(و) الأصح (أنهما لو اختلفا في مثبت الاسترداد) وهو التصريح بالرجوع عند عروض مانع، أو في ذكر التعجيل،
(٤١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532