مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٠٤
لقوله (ص) في الخبر السابق: من المسلمين. (ولا العبد فطرة زوجته) حرة كانت أو غيرها وإن أوجبنا نفقتها في كسبه ونحوه، لأنه ليس أهلا لفطرة نفسه، فكيف يتحمل عن غيره. واحترز به عن المبعض فيجب عليه المقدار الذي يجب على نفسه، وقد سبق بيانه. (ولا الابن فطرة زوجة أبيه) ومستولدته وإن وجبت نفقتهما على الولد، لأن النفقة لازمة للأب مع إعساره فيتحملها الولد بخلاف الفطرة، ولان عدم الفطرة لا يمكن الزوجة من الفسخ بخلاف النفقة.
(وفي الابن وجه) أنه يلزمه فطرة زوجة أبيه كنفقتها. واستثنى أيضا مع ذلك مسائل: منها الفقير العاجز عن الكسب يلزم المسلمين نفقته دون فطرته، ومنها عبد بيت المال تجب نفقته دون فطرته على الأصح، ومنها ما نص عليه في الام أنه لو أجر عبده وشرط نفقته على المستأجر فإن الفطرة على سيده، ومنها عبد المالك في المساقاة والقراض إذا شرط عمله مع العامل فنفقته عليه وفطرته على سيده، ومنها ما لو حج بالنفقة، ومنها عبد المسجد فلا تجب فطرتهما وإن وجبت نفقتهما سواء كان عبد المسجد ملكا له أم وقفا عليه، ومنها الموقوف على جهة أو معين كرجل ومدرسة ورباط. (ولو أعسر الزوج) وقت الوجوب (أو كان عبدا، فالأظهر أنه يلزم زوجته الحرة فطرتها) إذا أيسرت بها، (وكذا) يلزم (سيد الأمة) فطرتها، والثاني: لا يلزمهما. وهذا الخلاف مبني على الخلاف السابق فيمن تجب عليه ابتداء من المؤدي والمؤدى عنه، وهذا أحد الطريقين في المسألتين. (قلت: الأصح المنصوص لا يلزم الحرة) وتلزم سيد الأمة، (والله أعلم) وهذا الطريق الثاني تقرير النصين، والفرق كمال تسليم الحرة نفسها بخلاف الأمة المزوجة لأن لسيدها أن يسافر بها ويستخدمها، ولأنه اجتمع فيها شيئان: الملك والزوجية، والملك أقوى. فإن قيل: ينتقض ذلك بما إذا سلمها السيد ليلا ونهارا والزوج موسر، فإن الفطرة واجبة على الزوج قولا واحدا. أجيب بأنها عند اليسار لا تسقط عن السيد بل يتحملها الزوج عنه ويستحب للحرة المذكورة أن تخرج الفطرة عن نفسها كما في المجموع للخروج من الخلاف ولتطهيرها.
تنبيه: إذا قلنا بالتحمل هل هو كالضمان أو الحوالة؟ فيه قولان: أظهرهما كما في المجموع الثاني. وللخلاف فوائد:
منها جواز الاخراج بغير الاذن إن قلنا بالضمان، وإن قلنا بالحوالة فلا، ومنها ما لو كان المؤدى عنه ببلد والمؤدي ببلد آخر واختلف قوت البلدين، إن قلنا بالحوالة وجب أن تؤدى من بلد المؤدى عنه وهو الأصح، وإن قلنا بالضمان جاز أن تؤدى من بلد المؤدي لأنه يصح ضمان غير الجنس بخلاف الحوالة. ومنها دعاء المستحق يكون للمؤدي خاصة إن قلنا بالحوالة، وإن قلنا بالضمان دعا لهما، وقيل غير ذلك. (ولو انقطع خبر العبد) أي الرقيق الغائب، فلم تعلم حياته مع تواصل الرفاق ولم تنته غيبته إلى مدة يحكم فيها بموته، (فالمذهب وجوب إخراج فطرته في الحال) أي في يوم العيد أو ليلته، لأن الأصل بقاء حياته، وإن لم يجز إعتاقه عن الكفارة احتياطا فيهما. (وقيل) إنما يجب إخراجها (إذا عاد) كزكاة المال الغائب، وأجاب الأول بأن التأخير إنما جوز هناك للنماء، وهو غير معتبر في زكاة الفطر. (وفي قول لا شئ) أي لا يجب شئ بالكلية، لأن الأصل براءة الذمة منها. وهذا القول محله إذا استمر انقطاع خبره، فلو بانت حياته بعد ذلك وعاد إلى سيده وجب الاخراج، وإن لم يعد إلى سيده فعلى الخلاف في الضال ونحوه.
تنبيه: قوله: وقيل إذا عاد مقابل لقوله: في الحال، وهو منصوص في الاملاء فلا يحسن التعبير عنه ب‍ قيل، وقوله:
وفي قول لا شئ كان الأحسن أن يقول: وقيل قولان، ثانيهما لا شئ، وطريقة القولين هي التي في المحرر، وصحح في المجموع طريقة القطع، وهي ظاهر عبارة الكتاب. أما إذا انتهت غيبته إلى ما ذكر فلا فطرة له بلا خلاف كما صرح به الرافعي في الفرائض. فإن قيل: الأصح في جنس الفطرة اعتبار بلد العبد، فإن لم يعرف موضعه فكيف يخرج من جنس بلده؟ أجيب بأن هذه الصورة مستثناة من القاعدة للضرورة أو يخرج من قوت آخر بلدة علم وصوله إليها، وهي مستثناة أيضا على هذا، ويدفع فطرته للقاضي ليخرجها لأن له نقل الزكاة، وهي مستثناة أيضا لاحتمال اختلاف أجناس الأقوات
(٤٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532