من منيها ومني غيرها. (ولو انسد مخرجه) أي الأصلي من قبل أو دبر بأن لم يخرج شئ منه وإن لم يحتلم، (وانفتح) مخرج ند له، (تحت معدته)، وهي بفتح الميم وكسر العين على الأفصح: مستقر الطعام، وهي من السرة إلى الصدر كما قاله الأطباء والفقهاء واللغويون، هذا حقيقتها، والمراد بها هنا السرة. (فخرج) معه (المعتاد) خروجه كبول، (نقض) إذ لا بد للانسان من مخرج يخرج منه ما تدفعه الطبيعة، فأقيم هذا مقامه. (وكذا نادر كدود) ودم (في الأظهر) لقيامه مقام الأصلي، فكما ينقض الخارج النادر منه فكذلك هذا أيضا، والثاني: لا، لأنا إنما أقمناه مقام الأصلي للضرورة، ولا ضرورة في خروج غير المعتاد. وما تقرر من الاكتفاء بأحد المخرجين هو ظاهر كلام الجمهور وهو المعتمد، وإن صرح الصيمري باشتراط انسدادها، وقال: لو انسد أحدهما فالحكم للباقي لا غير. (أو) انفتح (فوقها) أي المعدة، والمراد فوق تحتها كما في بعض النسخ، أو فوقه، أي فوق تحت المعدة حتى تدخل هي بأن انفتح في السرة أو بمحاذيها أو فيما فوق ذلك. (وهو) أي الأصلي منسد أو تحتها وهو منفتح فلا ينقض الخارج منه (في الأظهر) أما في الأول فلان ما يخرج من فوق المعدة أو منها أو من محاذيها لا يكون مما أحالته الطبيعة، لأن ما تحيله تلقيه إلى أسفل فهو بالقئ أشبه، وأما في الثانية فلا ضرورة إلى جعل الحادث مخرجا مع انفتاح الأصلي، والثاني: ينقض فيهما ولو نادرا. أما في الأولى فلانه لا بد من مخرج، وأما الثانية فلانه كالمخرج المعتاد، وحيث أقمنا المنفتح كالأصلي إنما هو بالنسبة للنقض بالخارج منه فلا يجزئ فيه الحجر ولا ينتقض الوضوء بمسه، ولا يجب الغسل ولا غيره من أحكام الوطئ بالايلاج فيه، ولا يحرم النظر إليه حيث كان فوق العورة، قال الماوردي:
هذا من الانسداد العارض، أما الخلقي فينقض معه الخارج من المنفتح مطلقا والمنسد حينئذ كعضو زائد من الخنثى لا وضوء بمسه ولا غسل بإيلاجه والايلاج فيه. قال في المجموع: ولم أر لغيره تصريحا بموافقته أو مخالفته، وقال في نكته على التنبيه:
إن تعبيرهم بالانسداد يشعر بما قاله الماوردي اه. وظاهر كلام الماوردي أن الحكم حينئذ للمنفتح مطلقا حتى يجب الوضوء بمسه والغسل بإيلاجه والايلاج فيه وغير ذلك، وهو كذلك كما اعتمده شيخي وإن استبعده بعض المتأخرين. ومما يرد الاستبعاد أن الانسان لو خلق له ذكر فوق سرته يبول منه ويجامع به ولا ذكر له سواه، ألا ترى أنا نذير الأحكام عليه؟ ولا ينبغي أن يقال إنا نجعل له حكم النقض فقط ولا حكم له غير ذلك. وخرج بقوله انفتح ما لو خرج من المنافذ الأصلية كالفم والاذن فإنه لا نقض بذلك كما هو ظاهر كلامهم. (الثاني: زوال العقل) أي التمييز بنوم أو غيره كإغماء وسكر وجنون، وذلك لقوله (ص): العينان وكاء السه فمن نام فليتوضأ رواه أبو داود وغيره، وهو بسين مهملة مشددة مفتوحة وهاء :
حلقة الدبر، والوكاء بكسر الواو والمد: الخيط الذي يربط به الشئ، والمعنى فيه أن اليقظة هي الحافظة لما يخرج، والنائم قد يخرج منه الشئ ولا يشعر به، وغير منوم مما ذكر أبلغ منه في الذهول الذي هو مظنة لخروج شئ من الدبر كما أشعر به الخبر.
فإن قيل: الأصل عدم خروج شئ فكيف عدل عنه وقيل بالنقض؟ أجيب بأنه لما جعل مظنة لخروجه من غير شعور به أقيم مقام اليقين كما أقيمت الشهادة المفيدة للظن مقام اليقين في شغل الذمة، ولهذا لم يعولوا على احتمال ريح يخرج من القبل لأن ذلك نادر. وخرج بزوال التمييز النعاس، وحديث النفس، وأوائل نشوة السكر فلا نقض بها.
ومن علامات النوم الرؤيا، ومن علامات النعاس سماع كلام الحاضرين وإن لم يفهمه. ولو شك هل نام أو انعكس أو نام ممكنا أو لا لم ينتقض، ولو تيقن الرؤيا وشك في النوم انتقض لما مر أنها من علاماته. والعقل لغة المنع، لأنه يمنع صاحبه من ارتكاب الفواحش، ولذا قيل:
إن العقل لا يعطى لكافر، إذ لو كان له عقل لآمن، إنما يعطى الذهن، لما روى الترمذي أن رجلا قال: يا رسول الله ما أعقل فلانا النصراني فقال: مه إن الكافر لا عقل له أما سمعت قوله تعالى: * (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير) *؟
وأجاب الجمهور بحمل هذا على العقل النافع. وأما اصطلاحا فأحسن ما قيل فيه: إنه صفة يميز بها بين الحسن والقبيح، وعن الشافعي أنه آلة التمييز. وقيل: هو غريزة يتبعها العلم بالضروريات عند سلامة الآلات، وقيل غير ذلك. واختلف في محله، فقال أصحابنا وجمهور المتكلمين: إنه في القلب، وقال أصحاب أبي حنيفة وأكثر الأطباء: إنه في الدماغ، وسيأتي في الجنايات