يعني من الجن، فمطعوم الآدمي أولى، ولان المسح بالحجر رخصة وهي لا تناط بالمعاصي. وأما مطعوم البهائم كالحشيش فيجوز به. والمطعوم لها وللآدمي يعتبر فيه الأغلب، فإن استويا فوجهان بناء على ثبوت الربا فيه، والأصح الثبوت، قاله الماوردي والروياني. وإنما جاز بالماء مع أنه مطعوم لأنه يدفع النجس عن نفسه بخلاف غيره، أما جزء الحيوان المنفصل عنه كشعره فيجوز الاستنجاء به. قال الأسنوي: والقياس المنع في جزء الآدمي. وأما الثمار والفواكه فمنها ما يؤكل رطبا لا يابسا كاليقطين فلا يجوز الاستنجاء به رطبا أو يجوز يابسا إذا كان مزيلا. ومنها ما يؤكل رطبا ويابسا، وهو أقسام، أحدها: مأكول الظاهر والباطن كالتين والتفاح فلا يجوز برطبه ولا يابسه. والثاني: ما يؤكل ظاهره دون باطنه كالخوخ والمشمش وكل ذي نوى فلا يجوز بظاهره ويجوز بنواه المنفصل. والثالث: ما له قشر ومأكوله في جوفه فلا يجوز بلبه، وأما قشره فإن كان لا يؤكل رطبا ولا يابسا كالرمان جاز الاستنجاء به وإن كان حبه فيه، وإن أكل رطبا ويابسا كالبطيخ لم يجز في الحالين، وإن أكل رطبا فقط كاللوز والباقلاء جاز يابسا لا رطبا، ذكر ذلك الماوردي مبسوطا، واستحسنه في المجموع. ويجزئ الحجر بعد الاستنجاء بشئ محترم وغير قالع لم ينقلا النجاسة، فإن نقلاها تعين الماء كما سيأتي. ومن المحترم ما كتب عليه اسم معظم أو علم كحديث وفقه، قال في المهمات: ولا بد من تقييد العلم بالمحترم سواء أكان شرعيا كما مر أم لا كحساب ونحو وطب وعروض فإنها تنفع في العلوم الشرعية، أما غير المحترم كفلسفة ومنطق مشتمل عليها كما قاله بعض المتأخرين فلا، أما غير المشتمل عليها فلا يجوز. وعلى هذا التفصيل يحمل إطلاق من جوزه، وجوزه القاضي بورق التوراة والإنجيل، وهو محمول على ما علم تبديله منهما وخلا عن اسم الله تعالى ونحوه. وألحق بما فيه علم محترم جلده المتصل به دون المنفصل عنه، بخلاف جلد المصحف فإنه يمتنع الاستنجاء به مطلقا. ( وجلد) بالجر عطف على جامد وبالرفع على كل، (دبغ دون غيره في الأظهر) فيهما لأن المدبوغ انتقل بالدبغ عن طبع اللحوم إلى طبع الثياب بدليل جواز بيع جلد بجلدين. وغير المدبوغ محترم لأنه مطعوم، ولهذا يؤكل مع الرؤوس والأكارع وغيرهما، وفيه دسومة تمنع التنشيف أو نجس إن كان غير مأكول، وهذا التفصيل هو المنصوص عليه في الام، والثاني وهو المنصوص عليه في البويطي: يجوز بهما، والثالث وهو المنصوص عليه في حرملة: لا يجوز بهما. ومحل المنع فيما ذكركما قال ابن القطان وغيره: إذا استنجى به من الجانب الذي لا شعر عليه وإلا جاز، إذ لا دسومة فيه وليس بطعام. وشملت عبارة المصنف جلد الحوت الكبير الجاف فيمتنع الاستنجاء به، وقول الأذرعي: الظاهر الجواز به لأنه صار كالمدبوغ بعيد.
تنبيه: كان ينبغي للمصنف تقديم المنع الذي هو من أمثلة المحترم فيقول: فيمتنع بجلد طاهر غير مدبوغ دون كل مدبوغ طاهر في الأظهر، فإن كلامه الآن غير منتظم، لأنه إن كان ابتداء كلام فلا خبر له، وإن كان معطوفا على كل كما قدرته في كلامه وقرئ بالرفع فيكون الجلد المدبوغ قسيما لكل جامد طاهر إلخ فيكون غيره، والفرض أنه بعض منه، وإن كان مجرورا كما قدرته أيضا عطفا على جامد فكان ينبغي أن يقول: ومنه جلد دبغ. أي من أمثلة هذا الجامد جلد دبغ دون جلد غير مدبوغ طاهر في الأظهر.
فائدة: يجوز التدلك وغسل الأيدي بالنخالة ودقيق الباقلاء ونحوه. (وشرط الحجر) وما ألحق به لأن يجزئ، (أن لا يجف النجس) الخارج فإن جف تعين الماء، نعم لو بال ثانيا بعد جفاف بوله الأول ووصل إلى ما وصل إليه الأول كفى فيه الحجر، والغائط المائع كالبول في ذلك. (و) أن (لا ينتقل) عن المحل الذي أصابه عند خروجه واستقر فيه، فإن انتقل عنه بأن انفصل عنه تعين في المنفصل الماء، وأما المتصل بالمحل ففيه تفصيل يأتي. (و) أن (لا يطرأ) عليه (أجنبي) نجسا كان أو طاهرا رطبا ولو بلل الحجر كما شمله إطلاق المصنف. أما الجاف الطاهر فلا يؤثر، وهو ما احترز عنه الشارح بقوله نجس. فإن طرأ عليه ما ذكر تعين الماء، نعم البلل بعرق المحل لا يضر لأنه ضروري، وأن يكون الخارج المذكور من فرج معتاد فلا يجزئ في الخارج من غيره كالخارج بالفصد ولا في منفتح تحت المعدة ولو كان الأصلي منسد، أي إذا كان الانسداد عارضا كما مر، لأن الاستنجاء به على خلاف القياس. ولا في بول خنثى مشكل وإن كان الخارج من أحد قبلية