مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٠٧
وشرائه كما يأثم بصوغ الذهب للبسهم. قال: وكذا خلع الحرير يحرم بيعها والتجارة فيها. وأما اتخاذ أثواب الحرير للرجل بلا لبس، فأفتى ابن عبد السلام بأنه حرام لكن إثمه دون إثم اللبس. ثم أخرج المصنف من حرمة الحرير على الرجل ما تضمنه قوله: (ويحل للرجل) والخنثى (لبسه للضرورة كحر وبرد مهلكين) أو مضرين، كالخوف على عضو أو منفعته إزالة للضرر. ويؤخذ من جواز اللبس جواز استعماله في غيره بطريق الأولى لأنه أخف. (أو فجاءة حرب) بضم الفاء وفتح الجيم والمد وبفتح الفاء وسكون الجيم: أي بغتتها، (ولم يجد غيره) يقوم مقامه للضرورة.
وجوز ابن كج اتخاذ القباء وغيره مما يصلح للقتال وإن وجد غير الحرير مما يدفع لما فيه من الهيبة وانكسار قلوب الكفار كتحلية السيف ونحوه، ونقله في الكفاية عن جماعة وصححه. والأوجه عدم الجواز كما هو ظاهر كلام الأصحاب.
(و) يجوز له أيضا (للحاجة كجرب وحكة) إن آذاه لبس غيره كما شرطه ابن الرقعة، لأن النبي (ص) أرخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في لبسه للحكة، متفق عليه. والحكة بكسر الحاء: الجرب اليابس، وهو الحصف، ولذلك غاير المصنف بينهما، والجوهري جعل الحكة والجرب واحدا، وكذا في شرح المهذب وتهذيب اللغات. فإن قيل: هل من شرط جوازه لذلك أن لا يجد ما يغني عنه من دواء ونحوه كما في التداوي بالنجاسة؟ أجيب بأن القياس عدم التسوية لأن جنس الحرير أبيح لغير ذلك، فكان أخف من النجاسة. (و) للحاجة في (دفع قمل) لأنه لم يقمل بالخاصية. وفي الصحيح: أن الزبير وعبد الرحمن رضي الله عنهما شكيا القمل إلى رسول الله (ص) فأرخص لهما في قميص الحرير. وظاهر كلام المصنف أنه لا فرق في ذلك بين السفر والحضر كما صرح به في المجموع، وهو كذلك كما أطلقه البغوي وغيره إذ المعنى يقتضي عدم تقييد ذلك بالسفر وإن قال بعض المتأخرين لم أر من صرح به في الحضر غير المصنف، وهو بعيد لأن التعهد والتفقه فيه سهل.
تنبيه: يدخل في تعبيره بالحاجة ستر العورة في الصلاة وعن عيون الناس إذا لم يجد غير الحرير، وكذا الستر في الخلوة إن أوجبناه، وهو الأصح، وبه صرح في المجموع، ونظر الأسنوي فيما زاد على العورة عند الخروج إلى الناس.
والقمل جمع قملة، وهو القمل المرسل على بني إسرائيل في قول عطاء. وقيل: البراغيث، قاله أبو زيد. وقيل: السوس.
وقيل غير ذلك. (و) للحاجة (للقتال كديباج) بكسر الدال وفتحها، فارسي معرب مأخوذ من التدبيج وهو النقش والتزين، أصله ديباه بالهاء، وجمعه ديابيج وديابج. (لا يقوم غيره) في دفع السلاح (مقامه) بفتح الميم لأنه من ثلاثي، تقول: قام هذا مقام ذاك بالفتح، وأقمته مقامه بالضم صيانة لنفسه، وذلك في حكم الضرورة. أما إذا وجد ما يقوم مقامه فإنه يحرم عليه. وهذه المسألة علمت من قوله أولا: أو فجاءة حرب فإنه إذا جاوز لمجرد المحاربة فلان يجوز للقتال بطريق الأولى. (ويحرم) على الرجل والخنثى (المركب من إبريسم) وهو بكسر الهمزة والراء وبفتحهما وبكسر الهمزة وفتح الراء:
الحرير، وهو فارسي معرب. (وغيره) كغزل وقطن، (إن زاد وزن الإبريسم) على غيره، (ويحل عكسه) وهو مركب نقص فيه الإبريسم عن غيره كالخز سداه حرير ولحمته صوف تغليبا لجانب الأكثر فيهما. (وكذا) يحل (إن استويا) وزنا فيما ركب منهما، (في الأصح) لأنه لا يسمى ثوب حرير، والأصل الحل. وفي أبي داود بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: إنما نهى رسول الله (ص) عن الثوب المسمط من الحرير. فأما العلم وسدي الثوب فلا بأس به.
والمصمت الخالص، والعلم الطراز ونحوه، ولا أثر للظهور خلافا للقفال في قوله: إن ظهر الحرير في المركب حرم وإن قل وزنه، وإن استتر لم يحرم وإن كثر وزنه. وينبغي على عدم الحرمة الكراهة. ولو شك هل الأكثر الحرير أو غيره أو هما مستويان حرم كما جزم به في الأنوار. (ويحل) لمن ذكر (ما) أي ثوب (طرز) أو رقع بحرير إذا لم يجاوز كل منهما قدر أربع أصابع مضمومة دون ما يجاوزها، لخبر مسلم عن عمر رضي الله تعالى عنه: نهى رسول الله (ص) عن
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532