وشرائه كما يأثم بصوغ الذهب للبسهم. قال: وكذا خلع الحرير يحرم بيعها والتجارة فيها. وأما اتخاذ أثواب الحرير للرجل بلا لبس، فأفتى ابن عبد السلام بأنه حرام لكن إثمه دون إثم اللبس. ثم أخرج المصنف من حرمة الحرير على الرجل ما تضمنه قوله: (ويحل للرجل) والخنثى (لبسه للضرورة كحر وبرد مهلكين) أو مضرين، كالخوف على عضو أو منفعته إزالة للضرر. ويؤخذ من جواز اللبس جواز استعماله في غيره بطريق الأولى لأنه أخف. (أو فجاءة حرب) بضم الفاء وفتح الجيم والمد وبفتح الفاء وسكون الجيم: أي بغتتها، (ولم يجد غيره) يقوم مقامه للضرورة.
وجوز ابن كج اتخاذ القباء وغيره مما يصلح للقتال وإن وجد غير الحرير مما يدفع لما فيه من الهيبة وانكسار قلوب الكفار كتحلية السيف ونحوه، ونقله في الكفاية عن جماعة وصححه. والأوجه عدم الجواز كما هو ظاهر كلام الأصحاب.
(و) يجوز له أيضا (للحاجة كجرب وحكة) إن آذاه لبس غيره كما شرطه ابن الرقعة، لأن النبي (ص) أرخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في لبسه للحكة، متفق عليه. والحكة بكسر الحاء: الجرب اليابس، وهو الحصف، ولذلك غاير المصنف بينهما، والجوهري جعل الحكة والجرب واحدا، وكذا في شرح المهذب وتهذيب اللغات. فإن قيل: هل من شرط جوازه لذلك أن لا يجد ما يغني عنه من دواء ونحوه كما في التداوي بالنجاسة؟ أجيب بأن القياس عدم التسوية لأن جنس الحرير أبيح لغير ذلك، فكان أخف من النجاسة. (و) للحاجة في (دفع قمل) لأنه لم يقمل بالخاصية. وفي الصحيح: أن الزبير وعبد الرحمن رضي الله عنهما شكيا القمل إلى رسول الله (ص) فأرخص لهما في قميص الحرير. وظاهر كلام المصنف أنه لا فرق في ذلك بين السفر والحضر كما صرح به في المجموع، وهو كذلك كما أطلقه البغوي وغيره إذ المعنى يقتضي عدم تقييد ذلك بالسفر وإن قال بعض المتأخرين لم أر من صرح به في الحضر غير المصنف، وهو بعيد لأن التعهد والتفقه فيه سهل.
تنبيه: يدخل في تعبيره بالحاجة ستر العورة في الصلاة وعن عيون الناس إذا لم يجد غير الحرير، وكذا الستر في الخلوة إن أوجبناه، وهو الأصح، وبه صرح في المجموع، ونظر الأسنوي فيما زاد على العورة عند الخروج إلى الناس.
والقمل جمع قملة، وهو القمل المرسل على بني إسرائيل في قول عطاء. وقيل: البراغيث، قاله أبو زيد. وقيل: السوس.
وقيل غير ذلك. (و) للحاجة (للقتال كديباج) بكسر الدال وفتحها، فارسي معرب مأخوذ من التدبيج وهو النقش والتزين، أصله ديباه بالهاء، وجمعه ديابيج وديابج. (لا يقوم غيره) في دفع السلاح (مقامه) بفتح الميم لأنه من ثلاثي، تقول: قام هذا مقام ذاك بالفتح، وأقمته مقامه بالضم صيانة لنفسه، وذلك في حكم الضرورة. أما إذا وجد ما يقوم مقامه فإنه يحرم عليه. وهذه المسألة علمت من قوله أولا: أو فجاءة حرب فإنه إذا جاوز لمجرد المحاربة فلان يجوز للقتال بطريق الأولى. (ويحرم) على الرجل والخنثى (المركب من إبريسم) وهو بكسر الهمزة والراء وبفتحهما وبكسر الهمزة وفتح الراء:
الحرير، وهو فارسي معرب. (وغيره) كغزل وقطن، (إن زاد وزن الإبريسم) على غيره، (ويحل عكسه) وهو مركب نقص فيه الإبريسم عن غيره كالخز سداه حرير ولحمته صوف تغليبا لجانب الأكثر فيهما. (وكذا) يحل (إن استويا) وزنا فيما ركب منهما، (في الأصح) لأنه لا يسمى ثوب حرير، والأصل الحل. وفي أبي داود بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: إنما نهى رسول الله (ص) عن الثوب المسمط من الحرير. فأما العلم وسدي الثوب فلا بأس به.
والمصمت الخالص، والعلم الطراز ونحوه، ولا أثر للظهور خلافا للقفال في قوله: إن ظهر الحرير في المركب حرم وإن قل وزنه، وإن استتر لم يحرم وإن كثر وزنه. وينبغي على عدم الحرمة الكراهة. ولو شك هل الأكثر الحرير أو غيره أو هما مستويان حرم كما جزم به في الأنوار. (ويحل) لمن ذكر (ما) أي ثوب (طرز) أو رقع بحرير إذا لم يجاوز كل منهما قدر أربع أصابع مضمومة دون ما يجاوزها، لخبر مسلم عن عمر رضي الله تعالى عنه: نهى رسول الله (ص) عن