عبارة الروضة، وهو المعتمد، وعبارة الأنوار: ينوي الجمعة جوازا، وقال ابن المقري: ندبا، والجواز لا ينافي الوجوب، والندب يحمل على من لم تلزمه الجمعة، هكذا حمله شيخي وهو حسن. والثاني: ينوي الظهر لأنها التي يفعلها. ومحل الخلاف فيمن علم حال الامام، وإلا بأن رآه قائما ولم يعلم أمعتدل هو أم في القيام فينوي الجمعة جزما. ثم شرع في القسم الثاني وهو حكم الاستخلاف وشروطه، فقال: (وإذا خرج الامام من الجمعة أو غيرها) من الصلوات (بحدث) عمدا أو سهوا (أو غيره) كرعاف وتعاطي فعل مبطل أو بلا سبب أيضا، (جاز) له وللمأمومين قبل إتيانهم بركن (الاستخلاف في الأظهر) الجديد، لأنها صلاة بإمامين وهي جائزة، فقد صح أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه كان يصلي بالناس، فجاء رسول الله (ص) فجلس إلى جنبه فاقتدى به أبو بكر والناس، رواه الشيخان، وقد استخلف عمر رضي الله تعالى عنه حين طعن، رواه البيهقي.
واستخلافهم أولى من استخلافه لأن الحق في ذلك لهم، فمن عينوه للاستخلاف أولى ممن عينه. ولو تقدم واحد بنفسه جاز، ولو لم يستخلف في الجمعة وهم في الركعة الأولى من الجمعة لزمهم أن يستخلفوا فيها واحدا منهم لتدرك بها الجمعة دون الثانية، فلا يلزمهم الاستخلاف لادراكهم مع الامام ركعة كالمسبوق فيتمونها فرادى جمعة. ولا يشكل الانفضاض فيها، لأن البطلان به لنقص العدد لا لفقد الجماعة. وإذا قدم الامام واحدا فالظاهر كما قال ابن الأستاذ أنه لا يجب عليه أن يمتثل، وقيل يجب لئلا يؤدي إلى التواكل. أما إذا فعلوا على الانفراد ركنا فإنه يمتنع الاستخلاف بعده كما نقلاه عن الامام وأقراه، والثاني وهو القديم: لا يجوز الاستخلاف مطلقا لأنها صلاة واحدة، فيمتنع فيها ذلك، كما لو اقتدى بهما معا.
وعلى الأول لا يستخلف الامام إلا من يصلح للإمامة لا امرأة وخنثى مشكلا للرجال، وسكت المصنف عن هذا للاستغناء عنه بما سبق له في صلاة الجماعة. وإذا لم يجز الاستخلاف أتم القوم صلاتهم فرادى، وإن كان الحدث في غير الجمعة أو فيها لكن في الركعة الثانية، فإن وقع في الأولى منها فيتمونها ظهرا لأن شرطها حصول ركعة في جماعة كما علم مما مر.
(ولا يستخلف) الامام أو غيره (للجمعة إلا مقتديا به قبل حدثه) لأن في استخلاف غير المقتدي ابتداء جمعة بعد انعقاد جمعة، وذلك لا يجوز، ولا يجوز له فعل الظهر قبل فوات الجمعة. ولا يرد المسبوق لأنه تابع لا منشئ. أما في غير الجمعة فيجوز استخلاف غير المقتدى به في الأولى والثالثة من الرباعية لموافقته نظم صلاتهم لا في الثانية والأخيرة لأنه يحتاج إلى القيام ويحتاجون إلى القعود، نعم إن جددوا نية الاقتداء جاز كما في الحاوي الصغير. ويؤخذ من التعليل أنه لو كان موافقا لهم كأن حضر جماعة في ثانية منفردا أو أخيرته فاقتدوا به فيها ثم بطلت صلاته فاستخلف موافقا لهم جاز، وهو واضح. وإطلاقهم المنع جرى على الغالب. ويجوز استخلاف اثنين وأكثر كما في المجموع يصلي بكل طائفة، والأولى الاقتصار على واحد، ولو بطلت صلاة الخليفة جاز استخلاف ثالث وهكذا. وعلى الجميع مراعاة ترتيب صلاة الامام الأصلي. (ولا يشترط) في جواز الاستخلاف في الجمعة (كونه) أي المقتدي (حضر الخطبة، ولا) أدرك (الركعة الأولى في الأصح فيهما) أما في الأولى فلانه بالاقتداء صار في حكم من حضرها وسمعها، ولهذا تصح جمعته كما تصح جمعة الحاضرين السامعين. ووجه مقابلة القياس على ما لو استخلف بعد الخطبة من لم يحضرها ليصلي بهم فإنه لا يجوز، وأما في الثانية فلان الخليفة الذي كان مقتديا بالامام ناب مقامه باستخلاف إياه، ولو استمر الامام لصحت القدوة فكذا من ناب منابه وإن لم توجد فيه الشرائط، ووجه مقابله أنه غير مدرك للجمعة. ويجوز الاستخلاف في أثناء الخطبة وبين الخطبة والصلاة بشرط أن يكون الخليفة حضر الخطبة بتمامها في المسألة الثانية والبعض الفائت في المسألة الأولى على المذهب، لأن من لم يسمع ليس من أهل الجمعة، وإنما يصير غير السامع من أهلها إذا دخل في الصلاة والسماع هنا كالاقتداء. نعم من أغمي عليه في أثناء الخطبة امتنع الاستخلاف فيها لخروج من أتى بالبعض عن الأهلية بالكلية، ولو استخلف من يصلي بهم ولم يكن سمع الخطبة ممن لا تلزمه الجمعة ونوى غير الجمعة جاز.
تنبيه: المذكور في الشرحين والروضة والمجموع نقل الخلاف في الثانية قولين، وخرج بقوله: حضر الخطبة