على ما تقدم في سجود السهو، ولم يذكروه هنا وهو واضح غير محتاج إليه في كلام المصنف لأنه فرض الكلام فيمن قام. ( فإن أراد) عند تذكره وهو قائم (أن يتم عاد) للقعود وجوبا (ثم نهض متما) أي ناويا الاتمام. وقيل: له أن يمضي في قيامه، فإن لم ينو الاتمام سجد للسهو وهو قاصر، والجهل كالسهو فيما ذكره. ولو لم يتذكر حتى أتى بركعتين ثم نوى الاتمام لزمه ركعتان وسجد للسهو ندبا. وسابع الشروط: دوام سفره في جميع صلاته كما قال: (ويشترط كونه) أي الشخص الناوي للقصر (مسافرا في جميع صلاته، فلو نوى الإقامة) القاطعة للترخص (فيها) أو شك هل نواها أو لا ، (أو بلغت سفينته) فيها (دار إقامته) أو شك هل بلغها أو لا، (أتم) لزوال سبب الرخصة في الأولى. والثالثة كما لو كان يصلي لمرض فزال المرض يجب عليه أن يقوم، وللشك في الثانية والرابعة. وثامن الشروط: العلم بجواز القصر، فلو قصر جاهلا به لم تصح صلاته لتلاعبه، ذكره في الروضة كأصلها. قال الشارح: وكأن تركه لبعد أن يقصر من لم يعلم جوازه. (والقصر أفضل من الاتمام على المشهور إذا بلغ) سفره (ثلاث مراحل) للاتباع، رواه الشيخان، خروجا من خلاف من أوجبه ك أبي حنيفة، إلا الملاح الذي يسافر في البحر بأهله ومن لا يزال مسافرا بلا وطن فالاتمام لهما أفضل خروجا من خلاف من أوجبه عليهما كالإمام أحمد، وروي فيهما خلافه دون خلاف أبي حنيفة لاعتضاده بالأصل. ومقابل المشهور أن الاتمام أفضل مطلقا لأنه الأصل والأكثر عملا، أما إذا لم يبلغها فالاتمام أفضل لأنه الأصل وخروجا من خلاف من أوجبه كأبي حنيفة، بل قال الماوردي في الرضاع: يكره القصر، ونقله في المجموع عن الشافعي، لكن قال الأذرعي: إنه غريب ضعيف اه.
فالمعتمد أنه خلاف الأولى. نعم يستثنى من ذلك كما قال الأذرعي دائم الحدث إذا كان لو قصر لخلا زمن صلاته عن جريان حدثه ولو أتم لجرى حدثه فيها فيكون القصر أفضل مطلقا، وهذا نظير ما قالوه في صلاة الجماعة أنه لو صلى منفردا خلا عن الحدث، ولو صلى في جماعة لم يخل عنه. وكلا المسألتين يشكل ما قالوه أنه لو صلى من قيام لم يخل عن الحدث ولو صلى من قعود خلا عنه أنه يجب عليه أن يصلي من قعود، وقد يفرق بأن صلاته من قعود فيها بدل عن القيام ولا كذلك ما ذكر، وكذا لو أقام زيادة على أربعة أيام لحاجة يتوقعها كل وقت. وتقدم في باب مسح الخف أن من ترك رخصة رغبة عن السنة أو شكا في جوازها، أي لم تطمئن نفسه إليها، كره له تركها. (والصوم) أي صوم رمضان لمسافر سفرا طويلا، (أفضل من الفطر) لما فيه من تبرئة الذمة وعدم إخلاء الوقت عن العبادة، ولأنه الأكثر من فعله (ص)، وقال تعالى: * (وأن تصوموا خير لكم) *. ولم يراع منع أهل الظاهر الصوم، لأن محققي العلماء لا يقيمون لمذهبهم وزنا، قاله الامام. هذا (إن لم يتضرر به) أما إذا تضرر به لنحو مرض أو لم يشق معه احتماله، فالفطر أفضل لما في الصحيحين أنه (ص) رأى رجلا صائما في السفر قد ظلل عليه، فقال: ليس من البر أن تصوموا في السفر. نعم إن خاف من الصوم تلف نفس أو عضو أو منفعة حرم عليه الصوم كما قاله الغزالي في المستصفي. ولو لم يتضرر بالصوم في الحال ولكن يخاف الضعف لو صام وكان سفر حج أو غزو، فالفطر أفضل كما نقله الرافعي في كتاب الصوم عن التتمة وأقره. ولو كان ممن يقتدى به ولا يضره الصوم، فالفطر له أفضل كما قاله الأذرعي. قال ابن شهبة: وكأنه في ذي الرفقة لا المنفرد اه. وهذا مراد الأذرعي بلا شك. ويأتي أيضا هنا ما تقدم، من أنه إذا شك في جواز الرخصة أو تركها رغبة عن السنة أنه يكره له تركها.
فصل: في الجمع بين الصلاتين. (يجوز الجمع بين الظهر والعصر تقديما) في وقت الأولى (وتأخيرا) في وقت الثانية. والجمعة كالظهر في جمع التقديم كما نقله الزركشي واعتمده كجمعهما بالمطر بل أولى، ويمتنع تأخيرا لأن الجمعة