في زيادتها السجود لأنها إن كانت زائدة فظاهر وإلا فلا فالتردد يضعف النية ويحوج إلى الجبر. فإن قيل: لو شك في أنه قضى الفائتة التي كانت عليه أم لا فإنا نأمره بالقضاء بلا سجود وإن كان مترددا في أنها عليه أم لا. أجيب بأن التردد ثم لم يقع في باطل بخلافه هنا، وبأن السجود إنما يكون للتردد الطارئ في الصلاة للسابق عليها. وقضية تعبيرهم بقبل القيام أنه لو زال تردده بعد نهوضه وقبل انتصابه لم يسجد، إذ حقيقة القيام الانتصاب، وما قبله انتقال لا قيام.
قال شيخنا: فقول الأسنوي إنهم أهملوه مردود، وكذا قوله والقياس أنه إن صار إلى القيام أقرب سجد وإلا فلا، لأن صيرورته إلى ما ذكر لا تقتضي السجود لأن عمده لا يبطل وإنما يبطل عمده مع عوده كما مر، نبه على ذلك ابن العماد.
(ولو شك بعد السلام في ترك فرض) غير النية وتكبيرة الاحرام، (لم يؤثر) وإن قصر الفصل (على المشهور) لأن الظاهر وقوعه عن تمام، ولأنه لو أثر لعسر على الناس خصوصا على ذوي الوسواس. والثاني: يؤثر، لأن الأصل عدم فعله، فيبني على اليقين ويسجد كما في صلب الصلاة إن لم يطل الفصل، فإن طال استأنف. أما إذا شك في النية أو تكبيرة الاحرام فإنه تلزمه الإعادة، وكذا لو شك في أنه هل نوى الفرض أو النفل كما لو شك هل صلى أم لا، ذكره البغوي في فتاويه، قال: ولو شك أن ما أداه ظهر أو عصر وقد فاتتاه لزمه إعادتهما جميعا. فإن قيل: في زوائد الروضة أن المكفر لو صام يوما وشك بعد فراغه في النية لا يلزمه الاستئناف على الصحيح، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن تعلق النية بالصلاة أشد من تعلقها بالصوم، بدليل أنه لو شك فيها في الصلاة وطال الزمن بطلت، ولا كذلك الصوم.
وخرج بقوله فرض الشرط، وقد اختلف فيه، فقال في المجموع في موضع لو شك هل كان متطهرا أنه يؤثر فارقا بأن الشك في الركن يكثر بخلافه في الطهر، وبأن الشك في الركن حصل بعد تيقن الانعقاد، والأصل الاستمرار على الصحة بخلافه في الطهر، فإنه شك في الانعقاد والأصل عدمه. قال الأسنوي: ومقتضى هذا الفرق أن تكون الشروط كلها كذلك. وقال في الخادم: وهو فرق حسن، لكن المنقول عدم الإعادة مطلقا وهو المتجه، وعلله بالمشقة، وهذا هو المعتمد كما هو ظاهر كلام ابن المقري ونقله في المجموع بالنسبة للطهر في باب مسح الخف عن جمع، وهو الموافق لما نقله هو عن القائلين به عن النص أنه لو شك بعد طواف نسكه هل طاف متطهرا أم لا، لا يلزمه إعادة الطواف. وقد نقل عن الشيخ أبي حامد جواز دخول الصلاة بطهر مشكوك فيه، وظاهر أن صورته أن يتذكر أنه تطهر قبل شكه، وإلا فلا تنعقد.
تنبيه: لا يخفى أن مرادهم بالسلام الذي لا يؤثر بعده الشك سلام لا يحصل بعده عود إلى الصلاة بخلاف غيره، فلو سلم ناسيا لسجود السهو ثم عاد وشك في ترك ركن لزمه تداركه كما يقتضيه كلامهم، وخرج بالشك العلم، فلو تذكر بعده أنه ترك ركنا بنى على ما فعله إن لم يطل الفصل ولم يطأ نجاسة وإن تكلم قليلا واستدبر القبلة وخرج من المسجد. وتفارق هذه الأمور وطئ النجاسة باحتمالها في الصلاة في الجملة، والمرجع في طوله وقصره إلى العرف، وقيل: يعتبر القصر بالقدر الذي نقل عن النبي (ص) في خبر ذي اليدين، والطول بما زاد عليه، والمنقول في الخبر أنه قام ومضى إلى ناحية المسجد وراجع ذا اليدين وسأل الصحابة فأجابوه. (وسهوه) أي المأموم (حال قدوته) الحسية كأن سها عن التشهد الأول، أو الحكمية كأن سهت الفرقة الثانية في ثانيتها من صلاة ذات الرقاع، (يحمله إمامه) لقوله (ص): الإمام ضامن رواه أبو داود وصححه ابن حبان. قال الماوردي: يريد بالضمان والله أعلم أنه يتحمل سهو المأموم كما يتحمل الجهر والسورة وغيرهما، ولان معاوية شمت العاطس وهو خلف النبي (ص) كما مر ولم يسجد ولا أمره (ص) بالسجود. واحترز بحال القدوة عن سهو قبل القدوة، كما لو سها وهو منفرد ثم اقتدى به فلا يتحمله، وإن اقتضى كلامهما في باب صلاة الخوف ترجيح تحمله لعدم اقتدائه به حال سهوه، وإنما لم يتحمله، كما أنه يلحقه سهو إمامه الواقع قبل القدوة كما سيأتي، لأنه قد عهد تعدي الخلل من صلاة الإمام إلى صلاة المأموم دون عكسه، وعن