مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢١٠
في زيادتها السجود لأنها إن كانت زائدة فظاهر وإلا فلا فالتردد يضعف النية ويحوج إلى الجبر. فإن قيل: لو شك في أنه قضى الفائتة التي كانت عليه أم لا فإنا نأمره بالقضاء بلا سجود وإن كان مترددا في أنها عليه أم لا. أجيب بأن التردد ثم لم يقع في باطل بخلافه هنا، وبأن السجود إنما يكون للتردد الطارئ في الصلاة للسابق عليها. وقضية تعبيرهم بقبل القيام أنه لو زال تردده بعد نهوضه وقبل انتصابه لم يسجد، إذ حقيقة القيام الانتصاب، وما قبله انتقال لا قيام.
قال شيخنا: فقول الأسنوي إنهم أهملوه مردود، وكذا قوله والقياس أنه إن صار إلى القيام أقرب سجد وإلا فلا، لأن صيرورته إلى ما ذكر لا تقتضي السجود لأن عمده لا يبطل وإنما يبطل عمده مع عوده كما مر، نبه على ذلك ابن العماد.
(ولو شك بعد السلام في ترك فرض) غير النية وتكبيرة الاحرام، (لم يؤثر) وإن قصر الفصل (على المشهور) لأن الظاهر وقوعه عن تمام، ولأنه لو أثر لعسر على الناس خصوصا على ذوي الوسواس. والثاني: يؤثر، لأن الأصل عدم فعله، فيبني على اليقين ويسجد كما في صلب الصلاة إن لم يطل الفصل، فإن طال استأنف. أما إذا شك في النية أو تكبيرة الاحرام فإنه تلزمه الإعادة، وكذا لو شك في أنه هل نوى الفرض أو النفل كما لو شك هل صلى أم لا، ذكره البغوي في فتاويه، قال: ولو شك أن ما أداه ظهر أو عصر وقد فاتتاه لزمه إعادتهما جميعا. فإن قيل: في زوائد الروضة أن المكفر لو صام يوما وشك بعد فراغه في النية لا يلزمه الاستئناف على الصحيح، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن تعلق النية بالصلاة أشد من تعلقها بالصوم، بدليل أنه لو شك فيها في الصلاة وطال الزمن بطلت، ولا كذلك الصوم.
وخرج بقوله فرض الشرط، وقد اختلف فيه، فقال في المجموع في موضع لو شك هل كان متطهرا أنه يؤثر فارقا بأن الشك في الركن يكثر بخلافه في الطهر، وبأن الشك في الركن حصل بعد تيقن الانعقاد، والأصل الاستمرار على الصحة بخلافه في الطهر، فإنه شك في الانعقاد والأصل عدمه. قال الأسنوي: ومقتضى هذا الفرق أن تكون الشروط كلها كذلك. وقال في الخادم: وهو فرق حسن، لكن المنقول عدم الإعادة مطلقا وهو المتجه، وعلله بالمشقة، وهذا هو المعتمد كما هو ظاهر كلام ابن المقري ونقله في المجموع بالنسبة للطهر في باب مسح الخف عن جمع، وهو الموافق لما نقله هو عن القائلين به عن النص أنه لو شك بعد طواف نسكه هل طاف متطهرا أم لا، لا يلزمه إعادة الطواف. وقد نقل عن الشيخ أبي حامد جواز دخول الصلاة بطهر مشكوك فيه، وظاهر أن صورته أن يتذكر أنه تطهر قبل شكه، وإلا فلا تنعقد.
تنبيه: لا يخفى أن مرادهم بالسلام الذي لا يؤثر بعده الشك سلام لا يحصل بعده عود إلى الصلاة بخلاف غيره، فلو سلم ناسيا لسجود السهو ثم عاد وشك في ترك ركن لزمه تداركه كما يقتضيه كلامهم، وخرج بالشك العلم، فلو تذكر بعده أنه ترك ركنا بنى على ما فعله إن لم يطل الفصل ولم يطأ نجاسة وإن تكلم قليلا واستدبر القبلة وخرج من المسجد. وتفارق هذه الأمور وطئ النجاسة باحتمالها في الصلاة في الجملة، والمرجع في طوله وقصره إلى العرف، وقيل: يعتبر القصر بالقدر الذي نقل عن النبي (ص) في خبر ذي اليدين، والطول بما زاد عليه، والمنقول في الخبر أنه قام ومضى إلى ناحية المسجد وراجع ذا اليدين وسأل الصحابة فأجابوه. (وسهوه) أي المأموم (حال قدوته) الحسية كأن سها عن التشهد الأول، أو الحكمية كأن سهت الفرقة الثانية في ثانيتها من صلاة ذات الرقاع، (يحمله إمامه) لقوله (ص): الإمام ضامن رواه أبو داود وصححه ابن حبان. قال الماوردي: يريد بالضمان والله أعلم أنه يتحمل سهو المأموم كما يتحمل الجهر والسورة وغيرهما، ولان معاوية شمت العاطس وهو خلف النبي (ص) كما مر ولم يسجد ولا أمره (ص) بالسجود. واحترز بحال القدوة عن سهو قبل القدوة، كما لو سها وهو منفرد ثم اقتدى به فلا يتحمله، وإن اقتضى كلامهما في باب صلاة الخوف ترجيح تحمله لعدم اقتدائه به حال سهوه، وإنما لم يتحمله، كما أنه يلحقه سهو إمامه الواقع قبل القدوة كما سيأتي، لأنه قد عهد تعدي الخلل من صلاة الإمام إلى صلاة المأموم دون عكسه، وعن
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532