مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٠٩
صلاته، أو هل سجد السجدة الأولى أو لا لم تبطل وإن طال، إذ لا يلزمه ترك السجود في هذه بخلافه في تلك، فلو قعد في هذه من سجدته وتذكر أنها الثانية وكان في الركعة الأخيرة فتشهد، قال البغوي في فتاويه: إن كان قعوده على الشك فوق القعود بين السجدتين بطلت صلاته لأن عليه أن يعود إلى السجود وإلا فلا تبطل ولا يسجد للسهو. ولو سجد ثم ذكر في سجوده أنه لم يركع لزمه أن يقوم ثم يركع، ولا يكفيه أن يقوم راكعا لأنه قصد بالركوع غيره. ولو قام إلى خامسة في رباعية ناسيا ثم تذكر قبل جلوسه عاد إلى الجلوس، فإن كان قد تشهد في الرابعة أو لم يتذكر حتى قرأه في الخامسة أجزأه، ولو ظنه التشهد الأول كما مر ثم يسجد للسهو ويسلم وإن كان لم يتشهد أتى به ثم سجد للسهو وسلم.
(ولو شك في ترك بعض) بالمعنى السابق معين كقنوت، (سجد) لأن الأصل عدم الفعل، بخلاف الشك في ترك مندوب في الجملة، لأن المندوب قد لا يقتضي السجود، وبخلاف الشك في ترك بعض مبهم كأن شك في المتروك هل هو بعض أو لا لضعفه بالابهام. وبهذا علم أن للتقييد بالمعين معنى خلافا لمن زعم خلافه فجعل المبهم كالمعين، وإنما يكون كالمعين فيما إذا علم أنه ترك بعضا وشك هل هو قنوت مثلا أو تشهد أول أو غيره من الابعاض، فإنه في هذه يسجد لعلمه بمقتضى السجود. (أو) شك (في ارتكاب منهي) عنه وإن أبطل عمده ككلام قليل، (فلا) يسجد، لأن الأصل عدمه.
ولو سها وشك هل سها بالأول أو بالثاني سجد لتيقن مقتضيه. (ولو سها وشك) أي تردد (هل سجد للسهو) أو لا، (فليسجد) لأن الأصل عدمه، أو هل سجد واحدة أو اثنتين سجد أخرى. (ولو شك) أي تردد في رباعية، (أصلى ثلاثا أم أربعا أتى بركعة) لأن الأصل عدم فعلها، (وسجد) للسهو للتردد في زيادتها، ولا يرجع في فعلها إلى ظنه ولا إلى قول غيره وإن كان جمعا كثيرا لأنه تردد في فعل نفسه، فلا يأخذ بقول غيره فيه كالحاكم إذا نسي حكمه لا يأخذ بقول الشهود عليه. فإن قيل: أنه (ص) راجع الصحابة ثم عاد للصلاة في خبر ذي اليدين. أجيب بأن ذلك محمول على تذكره بعد مراجعته. قال الزركشي: وينبغي تخصيص ذلك بما إذا لم يبلغوا حد التواتر، وهو بحث حسن. وينبغي أنه إذا صلى في جماعة وصلوا إلى هذا الحد أنه يكتفي بفعلهم، والأصل في ذلك خبر مسلم: إذا شك أحدكم في صلاته ولم يدر أصلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته أي ردتها السجدتان إلى الأربع، ويحذفان الزيادة لأنهما جابران الخلل الحاصل من النقصان تارة ومن الزيادة أخرى، لا أنهما يصيرانها ستا. وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا رغما للشيطان. (والأصح أنه يسجد وإن زال شكه قبل إسلامه) بأن تذكر أنها رابعة لفعلها مع التردد. والثاني: لا يسجد، إذ لا عبرة بالتردد بعد زواله. (وكذا حكم ما يصليه مترددا واحتمل كونه زائدا) أنه يسجد للتردد في زيادته وإن زال شكه قبل سلامه. (ولا يسجد لما يجب بكل حال إذا زال شكه، مثاله شك) في رباعية (في) الركعة (الثالثة) في نفس الامر (أثالثة هي أم رابعة فتذكر فيها) أي الثالثة أنها ثالثة، أي تبين له الامر بعد ذلك قبل أن يقوم إلى الرابعة، (لم يسجد) لأن ما فعله ههنا مع التردد لا بد منه. فإن قيل: كان ينبغي أن يقول ولو شك في ركعة أثالثة هي، وإلا فقد فرضها ثالثة، فكيف يشك أثالثة هي أم رابعة؟ أجيب بأن مراده ما قدرته، وقال الشارح بدل ذلك في الواقع، ومؤدى العبارتين واحد. (أو) تذكر (في) الركعة (الرابعة) بأن لم يتذكر ذلك فيما قبلها، بل استمر تردده المتقدم في الثالثة حتى قام إلى ركعة في نفس الامر رابعة، وهو إنما قام إليها احتياطا مع احتمال أنها خامسة ثم زال تردده في الرابعة أنها رابعة، (سجد) لتردده حال قيامه إلى الرابعة هل هي رابعة أو خامسة، فقد أتى بزائد على تقدير دون تقدير. وإنما اقتضى التردد
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532