مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٠٠
(وسهو الفعل) المبطل لفحشه أو كثرته (كعمده) في بطلان الصلاة به، (في الأصح) فيبطل كثيره وفاحشه لندور السهو ولأنه يقطع نظم الصلاة. والثاني واختاره في التحقيق: أنه كعمد قليله، واختاره السبكي وغيره لما مر في حديث ذي اليدين، وجهل التحريم كالسهو أخذا مما سيأتي. (وتبطل بقليل الاكل) لشدة منافاته لها لأن ذلك يشعر بالاعراض عنها، وقيل: لا تبطل به كسائر الأفعال القليلة، أما الكثير فتبطل به قطعا، ويرجع في القلة والكثرة إلى العرف كما مر. وهل المبطل الفعل أو وصول المفطر جوفه؟ وجهان أصحهما الثاني، وسيأتي أن المضغ أيضا من الافعال. (قلت: إلا أن يكون ناسيا) للصلاة (أو جاهلا تحريمه) لقرب عهده بالاسلام أو لبعده عن العلماء فلا تبطل بقليله قطعا، (والله أعلم) لعدم منافاته للصلاة. أما كثيره فيبطل مع النسيان أو الجهل في الأصح ولو مفرقا بخلاف الصوم فإنه لا يبطل بذلك. وفرقوا بأن للصلاة هيئة مذكرة بخلافه، وهذا لا يصلح فرقا في جهل التحريم، والفرق الصالح لذلك أن الصلاة ذات أفعال منظومة والفعل الكثير يقطع نظمها بخلاف الصوم فإنه كف، والمكره هنا كغيره لندرة الاكراه. (فلو كان بفمه سكرة) فذابت (فبلع) بكسر اللام وحكي فتحها، (ذوبها) بمص ونحوه لا بمضغ، (بطلت) صلاته (في الأصح) لمنافاته للصلاة كما مر، والثاني: لا تبطل لعدم المضغ. ثم إن المضغ من الافعال فتبطل بكثيره وإن لم يصل إلى الجوف شئ من الممضوغ. (ويسن للمصلي) أن يتوجه (إلى) سترة نحو (جدار أو سارية) أي عمود كخشبة مبنية (أو) إلى نحو (عصا مغروزة) كمتاع عند عجزه عن المرتبة الأولى للاتباع في ذلك رواه الشيخان، ولخبر: استتروا في صلاتكم ولو بسهم رواه الحاكم وقال: على شرط مسلم. (أو بسط مصلى) عند عجزه عن المرتبة الثانية كسجادة بفتح السين. (أو خط قبالته) عند عجزه عن المرتبة الثالثة خطا طولا كما في الروضة، روى أبو داود خبر: إذا صلى أحدكم فليجعل أمام وجهه شيئا، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا، ثم لا يضره ما مر أمامه.
وقيس بالخط المصلي، وقدم على الخط لأنه أظهر في المراد. وطول المذكورات حتى الخط ثلثا ذراع فأكثر تقريبا، وبينها وبين المصلي ثلاثة أذرع فأقل، وإذا صلى إلى شئ منها على هذا الترتيب سن له وكذا لغيره كما صرح به الأسنوي وغيره تفقها (دفع المار) بينه وبينها. والمراد بالمصلي والخط منهما أعلاهما، وذلك لخبر الشيخين: إذا صلى أحدكم إلى شئ يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان أي معه شيطان، أو هو شيطان الانس.
(والصحيح تحريم المرور حينئذ) وإن لم يجد المار سبيلا آخر، لخبر: لو يعلم المار بين يدي المصلي - أي إلى السترة - ماذا عليه من الاثم لكان أن يقف أربعين خريفا خيرا له من أن يمر بين يديه رواه الشيخان، إلا من الاثم فالبخاري، وإلا خريفا فالبزار. وقضية هذا وجوب الدفع، وقد بحثه الأسنوي لحرمة المرور وهو قادر على إزالتها، وليس كدفع الصائل، فإن من لم يوجبه احتج بخبر: كن عبد الله المظلوم ولا تكن عبد الله الظالم والمنقول عدم الوجوب، وبهذا يلغز، ويقال لنا حرام لا يجب إنكاره. قال شيخنا: وكأن الصارف عن وجوبه شدة منافاته لمقصود الصلاة من الخشوع والتدبر، وأيضا للاختلاف في تحريمه، والتحريم مقيد بما إذا لم يقصر المصلي بصلاته في المكان، وإلا كأن وقف بقارعة الطريق فلا حرمة بل ولا كراهة كما قاله في الكفاية أخذا من كلامهم، وبما إذا لم يجد المار فرجة أمامه وإلا فلا حرمة، بل له خرق الصفوف والمرور بينها ليسد الفرجة كما قاله في الروضة كأصلها، وفيها: لو صلى بلا سترة أو تباعد عنها، أي أو لم تكن بالصفة المذكورة، فليس له الدفع لتقصيره ولا يحرم المرور بين يديه، لكن الأولى تركه، فقوله في غيرها: لكن يكره محمول على الكراهة غير الشديدة. قال: وإذا صلى إلى سترة فالسنة أن يجعلها مقابلة ليمينه أو يساره، ولا يصمد لها - بضم الميم - أي ولا يجعلها تلقاء وجهه، وإذا دفع دفع بالأسهل فالأسهل كدفع الصائل، فإن أدى إلى موته فهدر.
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532