اعترض المصنف في المجموع على صاحب المهذب حيث اقتصر على الصبي، فقال: لو قال الصبي والصبية لكان أولى لأنه لا فرق بينهما بلا خلاف، لكن نقل ابن حزم أن لفظ الصبي في اللغة يتناول الذكر والأنثى فلا اعتراض إذن. (ويؤمر) الصبي المميز (بها) ولو قضاء لما فاته بعد السبع. والتمييز (لسبع) من السنين، أي بعد استكمالها. (ويضرب عليها) أي على تركها (لعشر) منها، لخبر: مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها أي على تركها، صححه الترمذي وغيره. وظاهر كلامهم أنه يشترط للضرب تمام العاشرة، لكن قال الصيمري بفتح الميم كما قاله المصنف في التبيان أنه يضرب في أثنائها، وصححه الأسنوي، وجزم به ابن المقري، وينبغي اعتماده لأن ذلك مظنة البلوغ. ومقتضى ما في المجموع أن التمييز وحده لا يكفي في الامر، بل لا بد معه من السبع، وقال في الكفاية:
إنه المشهور. وأحسن ما قيل في ضبط التمييز أن يصير الطفل بحيث يأكل ويشرب ويستنجي وحده. وفي أبي داود:
أنه (ص) سئل: متى يصلي الصبي؟ فقال: إذا عرف شماله من يمينه. قال الدميري: والمراد عرف ما يضره وما ينفعه.
قال في المجموع: والامر والضرب واجبان على الولي أبا كان أو جدا أو وصيا أو قيما من جهة القاضي، وفي المهمات:
والملتقط ومالك الرقيق في معنى الأب، وكذا المودع والمستعير ونحوهما كما قاله بعض المتأخرين. قال الطبري: ولا يقتصر على مجرد صيغته، بل لا بد معه من التهديد. وقال في الروضة: يجب على الآباء والأمهات تعليم أولادهم الطهارة والصلاة والشرائع وأجرة تعليم الفرائض في مال الطفل، فإن لم يكن فعلى من تلزمه نفقته، ويجوز أن يصرف من ماله أجرة ما سوى الفرائض من القرآن والأدب على الأصح في زوائد الروضة، ووجهه بأنه مستمر معه وينتفع به بخلاف حجه.
وفي صحة المكتوبات من الطفل قاعدا وجهان، رجح بعض المتأخرين المنع وهو مقتضى إطلاقهم، ويجريان في الصلاة المعادة. (ولا) قضاء على شخص (ذي حيض) إذا تطهر وإن تسبب له بدواء، وقد مرت هذه المسألة في باب الحيض فهي مكررة، والنفساء كالحائض. ولو عبر ذات لاستغنى عن التقدير المذكور وكان أولى. وهل يحرم على الحائض قضاء الصلاة أو يكره؟ وجهان أوجههما الثاني. (أو) ذي (جنون أو إغماء) إذا أفاق، ومثلهما المبرسم والمعتوه والسكران بلا تعد في الجميع، لحديث: رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يبرأ صححه ابن حبان والحاكم. فورد النص في المجنون، وقيس عليه كل من زال عقله بسبب يعذر فيه، وسواء قل زمن ذلك أو طال. وإنما وجب قضاء الصوم على من أغمي عليه جميع النهار لمشقة قضاء الصلاة لأنها قد تكثر، بخلاف الصوم، نعم يسن للمجنون والمغمى عليه ونحوهما القضاء. وقد تقدم أن الجنون إذا طرأ على الردة أنه يجب قضاء أيام الجنون الواقعة في الردة إذا لم يكن في أصوله مسلما، وأنه إذا طرأ الجنون على السكر العاصي به أنه يجب قضاء المدة التي ينتهي إليها سكره، فمحله هنا في غير ذلك. (بخلاف) ذي (السكر) أو الجنون أو الاغماء المتعدي به إذا أفاق، فإنه يجب عليه قضاء ما فاته من الصلوات زمن ذلك لتعديه، فإن لم يعلم كونه مسكرا أو أكره عليه فلا قضاء عليه لعذره، قال المصنف: وهذه الحشيشة المعروفة حكمها حكم الخمر في وجوب قضاء الصلوات. ثم شرع في بيان وقت الضرورة، والمراد به وقت زوال موانع الوجوب وهو الصبا والجنون والكفر والاغماء والحيض والنفاس، فقال: (ولو زالت هذه الأسباب) المانعة من وجوب الصلاة، (و) قد (بقي من الوقت تكبيرة) أي قدر زمنها فأكثر، (وجبت الصلاة) لأن القدر الذي يتعلق به الايجاب يستوي فيه قدر الركعة ودونها، كما أن المسافر إذا اقتدى بمتم في جزء من صلاته يلزمه الاتمام. وقضية كلامه أنها لا تلزم بإدراك دون تكبيرة، وهو كذلك كما جزم به في الأنوار وإن تردد فيه الجويني. (وفي قول: يشترط ركعة) أخف ما يقدر عليه أحد، كما أن الجمعة لا تدرك بأقل من ركعة، ولمفهوم حديث: من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر متفق عليه.
ويشترط للوجوب على القولين بقاء السلامة من الموانع بقدر فعل الطهارة، والصلاة أخف ما يمكن، فلو عاد المانع قبل