لأنهم أولى ببره وصدقته من غيرهم، وهل يعتبر الفقر مع القربى أم لا؟ قيل فيه قولان: أحدهما يعتبر الفقر مع القربى، والآخر يصرف إلى الفقراء والأغنياء لأن الوقف يصح عليهم أجمع، وليس من شرطه الفقر، ومن راعى الفقر فقط قال:
يستوي فيه الذكر والأنثى، ويقدم الأولاد، لأنهم أقرب، ثم الآباء والأمهات، فإن كان هناك أب وأم تساويا، وإن كان أبو أم وأبو أب تساويا، وإن كان جد وأخ ففيه قولان: أحدهما سواء والثاني أن الأخ يقدم، والأول أولى.
وإذا اعتبر الفقر مع القرب فإن كان أقربهم غنيا فلا اعتبار به، وكأنه معدوم، والاعتبار بمن دونه من الفقراء من أقاربه، فإن افتقر بعد ذلك وقد حصلت علة الوقف قدم على غيره، لأن الشرط قد وجد وهو الفقر.
وعلى هذا إذا وقف على من لا يصح عليه الوقف ثم على من يصح عليه مثل أن يقف على عبده، فإن انقرض فعلى أولاده وهم موجودون، فإن انقرضوا فعلى الفقراء والمساكين، أو وقف على عبده ثم على الفقراء والمساكين بعده، أو وقف على حمل أو على وارث والواقف مريض مرضا مخوفا، أو وقف على مجهول مثل أن يقول: وقفته على رجل أو على قوم، أو وقف على معدوم مثل أن يقف على أولاده وليس له أولاد وما أشبه ذلك، فالذي يقتضيه مذهبنا أنه لا يصح الوقف، لأنه لا دليل عليه، وفي الناس من قال: يصح بناء على تفريق الصفقة، فإذا قال: لا يصح تفريق الصفقة، أبطل الوقف في الجميع وبقى الوقف على ملك الواقف، لم يزل عنه، ومن قال: يصح تفريق الصفقة، أبطل في حق من لا يصح الوقف عليه، وصححه في حق الباقين.
وهذا قوي يجوز أن يعتمد عليه لأنا نقول بتفريق الصفقة، فإذا قال بهذا فهل تصرف منفعة الوقف إلى من صح في حقهم في الحال أم لا؟ ينظر: فإن كان الذي بطل الوقف في حقه لا يمكن الوقف على بقائه واعتبار انقراضه، مثل أن يقف على مجهول أو معدوم لأنه لا يدري كم بقاء ذلك المجهول والمعدوم، فإن منفعة الوقف تصرف إلى من صح في حقهم في الحال، ويكونون أولئك بمنزلة