لأن ملكه زال عنه بالوقف، ومن قال لم يزل ملكه قال أيضا: لا ينفذ عتقه أيضا لأنه لا يملك التصرف فيه، وإن أعتقه الموقوف عليه لم يصح عتقه أيضا لأن من قال: ينتقل ملكه إلى الله، فليس بمملوك له، ومن قال: انتقل إليه، فقد تعلق به حق البطون التي بعده، فليس له أن يبطل حقهم بإعتاقه إياه، كما ليس للراهن أن يبطل حق المرتهن الذي تعلق بالعبد المرهون بإعتاقه إياه، وإن أعتق الشريك حصته فقد انعتق ولا يسري إلى النصف الموقوف ولا يقوم عليه موسرا كان أو معسرا لأن النصف الموقوف لا ينفذ فيه العتق المباشر فكيف ينفذ فيه عتق السراية.
إذا وقف غلاما وشرط أن يكون نفقته من كسبه أو في شئ آخر كان على ما شرط، فإن أطلق ذلك كان في كسبه لأن الغرض بالوقف انتفاع الموقوف عليه، وإنما يمكنه ذلك ببقاء عين الوقف، وإنما يبقى عينه بالنفقة، فيصير كأنه شرطها في كسبه.
فأما إذا زمن العبد في شبابه أو شاخ فلم يقدر على الكسب، فمن قال: إن الملك ينتقل إلى الموقوف عليه، فنفقته في ماله، لأنه عبده، ومن قال: انتقل إلى الله، فنفقته في مال بيت المال، وهو مال الله، وعلى مذهبنا يصير حرا بالزمانة.
العبد الموقوف إذا جنى فلا يخلو: إما أن تكون جناية عمد توجب القصاص، أو خطأ توجب المال، فإن كانت عمدا لزمه القصاص، فإن كانت تلك الجناية قتلا، قتل ويبطل الوقف، وإن كان قطعا قطع به وبقى الباقي وقفا كما كان، وإن كانت الجناية خطأ توجب المال، فالمال لا يتعلق برقبته لأنه إنما يتعلق برقبة من يباع فيه، فأما رقبة من لا يباع فالأرش لا يتعلق بها.
فإذا ثبت ذلك، فمن قال: إن الملك ينتقل إليه، فهو في ماله، ومن قال:
ينتقل إلى الله، فقد قيل ثلاثة أقوال: أحدها إلى مال الواقف، لأنه هو الذي منع رقبته أن يتعلق بها الأرش، والثاني يكون في بيت المال كالحر المعسر إذا جنى جناية خطأ، والثالث في كسبه لأن أقرب الأشياء إلى رقبته كسبه، فإذا تعذر تعلقه