المعدوم الذي لم يذكر في الوقف.
فأما إذا كان الموقوف عليه أولا يمكن اعتبار انقراضه مثل العبد، فهل تصرف منفعة الوقف إلى من صح في حقهم في الحال؟
منهم من قال: تصرف إليهم في الحال لأنه لا يستحق غيرهم، وهو الصحيح.
ومنهم من قال: لا تصرف إليهم في الحال لأنه إنما جعل منفعة الوقف لهم بشرط انقراض من قبلهم، والشرط لم يوجد فلم يجز صرفه إليهم قبل وجود الشرط، فتصرف إلى الفقراء والمساكين مدة بقاء الموقوف عليه أولا، ثم إذا انقرض رجعت إليهم، ويبدأ بفقراء أقاربه لأنهم أولى بصدقته كما قلنا - إذا علق الوقف على ما ينقرض في العادة ثم انقرض -: إنه يصرف إلى فقراء أقاربه.
إذا وقف مطلقا ولم يذكر الموقوف عليه، مثل أن يقول: وقفت هذه الدار، وهذه الضيعة، ثم سكت فلا يبين على من وقفها عليه، فإنه لا يصح الوقف، وفيهم من قال: يصح، وتصرف إلى الفقراء والمساكين ويبدأ بأقاربه المحتاجين إليه لأنهم أولى بصدقته، والأول أقوى، لأنه لا دليل على صحة هذا الوقف.
إذا وقف وقفا وشرط أن يصرف في سبيل الله وسبيل الثواب وسبيل الخير، صرف ثلثه إلى الغزاة والحج والعمرة على ما مضى من الخلاف، وثلثه إلى الفقراء والمساكين ويبدأ بأقاربه وهو سبيل الثواب، وثلثه إلى خمسة أصناف من الذين ذكرهم الله في آية الصدقة، وهم الفقراء والمساكين وابن السبيل والغارمون الذين استدانوا لمصلحة أنفسهم والرقاب " وهم المكاتبون " فهؤلاء سبيل الخير.
ولو قيل إن هؤلاء الثلاثة أصناف متداخلة لكان قويا، لأن سبيل الله وسبيل الثواب وسبيل الخير يشترك الجميع فيه.
يجوز الوقف على الذمي إذا كانوا أقاربه، وكذلك تجوز الوصية له، فإذا لم يكونوا أقاربه لم يجز ذلك، وفي الناس من قال: يجوز ذلك مطلقا.
فأما وقف المسلم على البيعة والكنيسة فلا يصح، ويكون باطلا بلا خلاف،