خلاف، ولا ينتقض بالوقف على أولاد الأولاد وما تناسلوا، لأن الاعتبار بأوله، وقد وقف أولا على من هو من أهل الملك في الحال، فإذا صح حقهم صح في حق الباقين على وجه التبع لهم.
فأما الوقف على القناطر والمساجد والمارستان وغيرها مما فيه مصالح المسلمين إنما صح - وإن كانت هذه الأشياء لا تملك - لأن الوقف عليها لمصالح المسلمين فالوقف عليها وقف على المسلمين، والمسلمون يملكون.
إذا وقف شيئا على قوم لم يخل ذلك من أحد أمرين:
إما أن يعلقه بما لا ينقرض مثل أن يقول: وقفت هذا على أولادي وأولاد أولادي ما تناسلوا فإن انقرضوا فعلى الفقراء والمساكين، أو قال: وقفت هذا على الفقراء والمساكين، فإن ذلك وقف صحيح بلا خلاف، لأن من شرطه أن يتأبد، وقد علقه بما يتأبد.
فإذا علقه بما ينقرض مثل أن يقول: وقفت هذا على أولادي وأولاد أولادي، وسكت على ذلك، أو وقف على رجل بعينه أو على جماعة بأعيانهم، وسكت على ذلك، فهل يصح ذلك أم لا؟ من أصحابنا من قال: يصح، ومنهم من قال:
لا يصح، وبهذين القولين قال المخالفون.
فمن قال: يصح، إذا انقرضوا صرف إلى وجوه البر والصدقة، لأن الاعتبار بصحة الوقف أوله، فإذا صح في أوله ووجدت شرائطه لا يضره بعد ذلك انقراض الموقوف عليه، ومن قال لا يصح قال: لأن من شرط صحته أن يتأبد، وإذا علقه بما ينقرض فلم يوجد شرطه فلم يصح، ومن قال: لا يصح الوقف، فلا كلام، ومن قال: يصح، قال: إذا انقرض الموقوف عليه لم يرجع الوقف إلى الواقف إن كان حيا، ولا إلى ورثته إن كان ميتا، وقال قوم: يرجع إليه إن كان حيا وإلى ورثته إن كان ميتا، وبه تشهد روايات أصحابنا، ولأن رجوعه إلى أبواب البر يحتاج إلى دليل.
ومن قال: يرجع إلى أبواب البر والصدقة، قال: هو إلى أقرب الناس إليه