لأنها مدارس الكفر ومشتم الأنبياء والمسلمين، فالوقف عليها وقف على معصية فلم يجز، فإن وقف على من ينزلها من مارة المسلمين وأهل الذمة جاز.
وإن وقف على كتب التوراة لا يجوز، لأنه مبدل مغير، لا لأنه منسوخ، لأن نسخها لا يذهب حرمتها كما أن في القرآن آيات منسوخة، ولم تذهب حرمتها، وهذا لا خلاف فيه، ويجب أن يقال في حفظه وتلاوته: إنه لا يجوز الوقف عليه لتخالف ما نسخ من القرآن.
إذا كان له مولى من فوق - وهو مولى نعمته - فأطلق الوقف على المولى رجع إليه، وإن كان له مولى من أسفل - وهو مولى عتاقه - ولم يكن له مولى من فوق فأطلق على المولى رجع إليه، وإن كان له مولى من فوق ومن أسفل فأطلق الوقف نظر: فإن كان هناك أمارة تدل على أنه أراد أحدهما انصرف إليه، وإن لم يكن انصرف إليهما.
ومنهم من قال: يرجع إلى المولى من فوق، لأن حقهم آكد، بدلالة أنهم يرثون، وفيهم من قال: يبطل الوقف لأنه مجهول، والأول أصح لأن الاسم تناولهما.
يعتبر في الوقف وفي صرف ما يرتفع من غلاته شروط الواقف وترتيبه، فإن قدم قوما على قوم وجعل لقوم أكثر مما جعل للآخرين، أو جعل ذلك لأهل الفقر والحاجة دون الغني، أو للإناث دون الذكور، أو للإناث على صفة " وهو ما لم تتزوج " فإذا تزوجت لم يكن لها فيه حق، فإذا طلقت عاد حقها، أو جعل ذلك لمن أقام في ذلك البلد أو تلك الدار دون من خرج، ومن خرج منهم من ذلك البلد انقطع حقه، فإذا عاد رجع حقه، أو جعل ذلك لمن هو يصفه على مذهب دون مذهب وما أشبه ذلك، كان الأمر على ما رتب وعلى ما شرط لا يخالف في شئ من ذلك بلا خلاف، لأن استحقاق ذلك من جهته، فهو على ما يشرطه.
وتعليق الوقف بشرائط في الترتيب جائز، ولا يجوز ذلك في الوقف نفسه،