وثانيها: الرشد، فلا تنفذ وصية السفيه إلا في البر والمعروف عند المفيد وسلار والحلبي، وظاهر ابن حمزة عدم نفوذ وصيته مطلقا، والفاضل أنفذها مطلقا تارة ومنعها مطلقا تارة أخرى، وفي حكمه من جرح نفسه ليموت لرواية أبي ولاد، أما لو أوصى ثم جرح لم تبطل وقال ابن إدريس: تصح مع ثبوت عقله.
وثالثها: الحرية، فلا تنفذ وصية العبد وإن قلنا يملك للحجر عليه، ولو عتق ففي نفوذها قولان للفاضل، وأولى بالنفوذ إذا علق الوصية على حريته.
ولا يشترط إسلامه، فتنفذ وصية الكافر للمسلم إلا بما لا يملكه المسلم، وتنفذ للكافر مطلقا، ولو أوصى بعمارة هيكل وكان في أرض يصح فيها ذلك جاز، وكذا يصح برمه وبعمارة قبور الأنبياء والصلحاء كما يصح من المسلم ذلك، وبفك أسراء الكفار من أيدي المسلمين، ولو أوصى به المسلم احتمل الجواز لجواز المفاداة والمنع لأنها وصية لحربي، والأول مختار الفاضل، وتصح وصية المفلس إذ لا ضرر فيه على الغرماء.
ويعتبر في الموصى به أمور ثلاثة:
أولها: أن يكون مما يملك بالنظر إلى الموصي والموصى له، فلا تصح الوصية بالحر مطلقا، ولا بالفضلات والحشرات، ولا بالمحرم في شرعنا إلا أن يكونا ذميين، أما الكلب فالوصية بأحد الأربع أو بجرو قابل للتعليم صحيحة وإلا فلا، وأما السباع فالأقرب الجواز تبعا للانتفاع بجلودها وريشها.
ولا تنفذ الوصية في الوقف، ولا في المستولدة، ولا بجلد الميتة وإن كان من المستحل لمثله، ولا بالسرجين النجس.
وثانيها: موافقة مصرفه الشرع، فلو أوصى بمعونة الظالمين وكتابة التوراة والإنجيل وكتب الظلال بطل، وكذا لو أوصى بعود لهو أو طبلة أو زمرة، ولو أوصى بعود من عيدانه أو بطبل من طبوله صرف إلى عود يملك، فلو لم يكن له سوى عود اللهو بطل إلا أن يقصد رضاضه أو يقبل الإصلاح، وفي المبسوط يصرف الإطلاق إلى عود اللهو فيبطل إلا أن يقصد رضاضه أو يفرض له منفعة