لا تقبل شهادته، لأنه يثبت بهذا تصرفا ويجر إلى نفسه نفعا فهو متهم في هذه الحال، وكذلك إذا أوصى إليه بتفرقة شئ بعينه، ولم يخرج من الثلث، فإنه لا تقبل شهادته، لما ذكرناه من التهمة.
إذا أوصى لعبد نفسه أو لعبد ورثته صحت الوصية عندنا لأن الوصية للوارث صحيحة، وقال المخالف: لا تصح في الموضعين، لأن مال العبد لمولاه والوصية للوارث لا تصح، وإن أوصى لمكاتبة فإن الوصية صحيحة بلا خلاف، وهكذا إن أوصى لمكاتب ورثته فإنها تصح بلا خلاف.
وأما الوصية للمدبر نظرت: فإن خرج من الثلث صحت له الوصية بلا خلاف وإن لم يخرج من الثلث لم تصح وأم الولد تصح لها الوصية بلا خلاف، فعندنا لأن الوصية للعبد جائزة، وعندهم لأنها تنعتق بالموت.
وأما الوصية لعبد الغير من الأجانب، فإن عندنا لا تصح على ما روي، وعند المخالف تصح كما لو أوصى لسيده ولكن العبد يقبل، لأنه مضافا إليه، وهل يفتقر إلى إذن السيد في القبول أم لا؟ قيل فيه وجهان: أحدهما لا يفتقر، والثاني يفتقر، قالوا: والأول أصح لأنه بمنزلة الاحتشاش والاحتطاب.
إذا أوصى بثلث ماله فمتى يعتبر الثلث إخراجه؟ قال قوم: الاعتبار بإخراج الثلث وقت لزومها، وهو بعد الوفاة، وهو الصحيح، ومنهم من قال: يعتبر حال الوصية حين أوصى، فإذا ثبت هذا، فإن كان له مال فإنه يصح وتلزم الوصية بالموت، وإن لم يكن له مال حين الوصية ثم وجد مالا بعد ذلك، فإنه يلزم الوصية بهذه الصفة، وهكذا إن كان له مال فزاد حال اللزوم والوفاة، فإنه تلزم الوصية في جميعه.
ومن قال: يعتبر حال الوصية، فإن كان له مال فإنه تلزم الوصية وإن لم يكن له مال ثم ظهر له بعد الوصية، فإن الوصية تبطل في المال الذي ظهر، وهكذا إن كان له مال ثم زاد بعد الوصية، فإن الوصية لا تثبت في الزيادة.
وإذا أوصى ببناء مسجد أو بناء سقاية أو أوصى بالوقف على المسجد