من بعض أصحابنا فليعرف ذلك، وأما قوله تعالى: أوفوا بالعقود، فلا يمتنع ترك ظاهره للدليل.
واستدامة القبض في الرهن ليست بشرط بدليل إجماع الطائفة، وأيضا قوله تعالى:
فرهان مقبوضة، فشرط القبض ولم يشترط الاستدامة، ويحتج على المخالف بما رووه من قوله ع: الرهن محلوب ومركوب، وذلك لا يجوز بالإطلاق إلا للراهن بلا خلاف.
ولا يجوز للراهن أن يتصرف في الرهن بما يبطل حق المرتهن كالبيع والهبة والرهن عند آخر والعتق، فإن تصرف كان تصرفه باطلا ولم ينفسخ الرهن لأن الأصل صحته والقول بفسخه يحتاج إلى دليل شرعي وليس في الشرع ما يدل عليه، وإنما ينفسخ الرهن إذا فعل ما يبطل به حق المرتهن منه باذنه.
ويجوز له الانتفاع بما عدا ذلك من سكنى الدار وزراعة الأرض وخدمة العبد وركوب الدابة وما يحصل من صوف ونتاج ولبن إذا اتفق هو والمرتهن على ذلك وتراضيا به، وكذا يجوز للمرتهن الانتفاع بالسكنى والزراعة والخدمة والركوب والصوف واللبن إذا أذن له الراهن وتكفل بمؤونة الرهن، والأولى أن يصرف قيمة منافعه من صوف ولبن في مؤنته وما فضل من ذلك كان رهنا مع الأصل، يدل على ذلك إجماع الطائفة، فإن سكن المرتهن الدار أو زرع الأرض بغير إذن الراهن أثم ولزمه أجرة الأرض والدار وكان الزرع له لأنه عين ماله والزيادة حادثة فيه وهي غير متميزة منه.
ولا يحل للراهن ولا المرتهن وطء الجارية المرهونة، فإن وطئها الراهن بغير إذن المرتهن أثم وعليه التعزير، فإن حملت وأتت بولد، فإن كان مؤسرا وجب عليه قيمتها تكون رهنا مكانها لحرمة الولد، وإن كان معسرا بقيت رهنا بحالها وجاز بيعها في الدين بدليل الاجماع المشار إليه، فإن وطئها بإذن المرتهن لم ينفسخ الرهن حملت أو لم تحمل لأن ملكه لها ثابت على ما بيناه فيما مضى وإذا كان ثابتا كان الرهن على حاله، فإن وطئها المرتهن بغير إذن الراهن فهو زان وولدها منه رق لسيدها ورهن معها، فإن كان الوطء بإذن الراهن وهو عالم بتحريم ذلك لم يلزمه مهر لأن الأصل براءة الذمة وإلزامه المهر يفتقر إلى دليل شرعي، فإن أتت بولد كان حرا لا حقا بالمرتهن بلا خلاف ولا يجب قيمته لأن الأصل براءة الذمة وشغلها بذلك