هذا، وقد أشكل السيد وبعضهم على هذا الأصل من أصله بما حاصله: إن هذا الأصل إنما يفيد لأجل الرجوع إليه في موارد الشك، ولكن الأدلة الثمانية لا تصلح لذلك - اللهم إلا الاستصحاب على ما سيأتي - لأنها مخصصة بالاجماع على جواز المعاطاة حين الانعقاد - كما هو المفروض - ومع الشك يستصحب حكم المخصص.
وأما استصحاب الملكية فلا مانع من التمسك به، إلا أنه محكوم باستصحاب بقاء الجواز الثابت من أول الأمر حين الانعقاد، ويترتب عليه جواز الرجوع، إلا أنه من الشك في المقتضي، وفي حجيته خلاف.
أقول: هذا يتم فيما إذا كان الجواز المستصحب جواز الرجوع، وأما إذا قيل بأن القدر المتيقن منه هو جواز تراد العينين، وهو يتوقف على بقائهما معا، ومع تلفهما أو تلف أحدهما فلا تراد، فلا جواز كي يستصحب.
وتقريب ذلك: إن الجواز هنا حكم تعبدي برجوع العين، فالمعاطاة لازمة، ولا منافاة بين لزومها والحكم برجوع العينين - كما لا منافاة بين عقد النكاح اللازم وجعل حكم الطلاق فالعقد لازم والطلاق يرفع الزوجية - وذلك لا يضر بلزوم العقد وبقائه، فلو تلف العينان أو أحدهما ارتفع الحكم، ومع الشك يستصحب بقاء الملك ولزوم المعاطاة.
إلا أن يقال: بأن لازم الحكم بجواز الرجوع هو فسخ المعاطاة، بل هو المتبادر منه عرفا، وعليه فلما كان العقد من قبل جائزا ثم شك فإنه يستصحب هذا الجواز.