اتلاف المال الموهوب، ولو كان باطلا لما جاز، ومن هنا يعلم جواز الهبة المعاطاتية عند الأصحاب. قال الشيخ: هذا يدل على صحة المعاطاة فيها بناءا على الإباحة، وأما على القول بإفادتها الملك - كما عليه جامع المقاصد نفسه - فلا يتم، لأن الأصحاب يقولون بأن ما لم يكن فيه ايجاب وقبول لفظا فلا يفيد الملك، فالقول بأن الهبة المعاطاتية تفيد الملك يخالف الاجماع.
وعن التذكرة: إذا كانت المعاطاة صحيحة فلا فرق بين البيع وسائر المعاملات. وأشكل عليه في رهن جامع المقاصد بأنها غير صحيحة فيه عندهم، قال: ويمكن أن يكون حكمهم بعدم الصحة في الرهن من جهة أن مقتضى ذات الرهن هو اللزوم، والمعاطاة سواء قلنا بالإباحة أو الملك الجائز - لا تتم فيه، لأن الرهن لا يفيد الملك والإباحة لا تناسبه.
قال الشيخ: الأظهر بناءا على جريان المعاطاة في البيع جريانها في غيره من الإجارة والهبة..
أقول: أي تجري المعاطاة في كل مورد جرت فيه أدلة الصحة، فتارة يتمسك لجريانها في البيع بصدق " البيع " وأخرى ب " السيرة " وثالثة ب " الاجماع ". فإن كان الاستدلال لجريانها فيه بالأول، فإنه يجري في القرض مثلا لصدق " القرض " على القرض المعاطاتي، وفي الهبة لصدق " الهبة " على الهبة المعاطاتية. فيحكم بالصحة، لأنه كما يتحقق ذلك بالقول عند أهل العرف يتحقق بالفعل، فكل دليل قام على صحة ما كان بالقول فهو يدل فيما إذا كان بالفعل.