أفضل البحران ما يكون في وقت المنتهى الحق وما يتقدمه غير موثوق به بل يكون اما ناقصا واما رديئا ازعاجيا واما في الابتداء فلا يكون بحران البتة الا مهلكا وبالجملة عروض علامات البحران في أوائل المرض يدل على هلاك وفي تزيده ان كانت محمودة يدل على بحران ناقص واما في الانحطاط فلا يكون بحران أصلا واما كيف يقع الموت فيه أو حاله يشبه البحران الجيد فسنقول فيه من بعد * واعلم أن البحران في الأمراض السليمة يتأخر لان الطبيعة لا تكون محرجة فيمكنها ان تصبر ان تجد تمام النضج وفي القتالة تتقدم ولن يتفصى العليل عن عهدة مرضه دفعة ليست على سبيل التحلل الا وقد كان استفراغ محمود أو خراج محمود واما التحلل المخلص والذبول المهلك فلا يتقدمهما اعراض هائلة ولا استفراغات محسوسة * واعلم أن الا مراض مختلة فمنها ما تتحرك في الابتداء ثم تهدأ وتسكن ومنها ما هو بالعكس وكثيرا ما تدل الدلائل على أن البحران يكون بدفع الطبيعة مادة المرض إلى جانب في اندفاع المادة إليه ضرر فيحتاج أن يقوى ذلك الجانب وذلك العضو وتميل المادة إلى الخلاف * واعلم أنه ربما جاء بحران جيد ويحسب من السادس فإذا هو من السابع وقد صح أول المرض فان البحران الجيد قلما يكون في السادس * واعلم أن أصناف تغير الأمراض ستة فان المرض اما ان يتغير إلى الصحة دفعة واما إلى الموت دفعة وأما أن يتغير إلى الصحة قليلا قليلا واما إلى الموت قليلا قليلا واما ان يجتمع فيه الأمران ويؤل إلى الصحة أو يجتمع فيه الأمران ويؤل إلى الموت * واعلم أن اسم البحران على ما ذكره من يعتمد قوله مشتق من لسان اليونانيين من فصل الخطاب الذي يتبين لاحد المتجادلين أو المتخاصمين عند القضاة على الآخر كأنه انفصال وخروج من العهدة * (قول كلي في علامات البحران) * ان البحران قد يتقدمه ان كان وقوعه ليليا ففي النهار أو كان وقوعه نهاريا ففي الليل أحوال وأمور هي علامات له مثل القلق والكرب والتململ والتنقل واختلاط الذهن والصداع وأوجاع الرقبة والدوار والسدر والخيالات في العينين والطنين والدوي والحكة في الانف وتغير اللون في الوجه والأرنبة دفعة إلى حمرة أو صفرة واختلاج الشفة والعينين والعطش والخفقان ووجع في فم المعدة وضيق نفس وعسره يعرضان بغتة وثقل الشراسيف وتمدد فيها ووجع واختلاج ووجع في الظهر واختلاج في العضل ومغص وقرقرة وقد يعرض نافض يدل عليه ويعرض وجع اعيائي وقد يتغير النبض عن حاله فيدل عليه والعلامات الليلية أشد من النهارية وقد يحتبس بسبب البحران أشياء كان من شأنها أن تستفرغ من دم طمث أو بواسير أو اختلاف فيدل على أن الحركة حدثت بالخلاف في الجهة والسبب في ذلك أن المادة الفاعلة للمرض تثير اعراضا ودلائل تدل بسبب حركتها وتختلف اما بسبب اختلاف المادة واما بسبب جهة الحركة اما الاختلاف بسبب اختلاف المادة فمثل ان الحركة من المادة إذا كانت إلى فوق ثم دلت الدلائل من نوع المرض ومن السن والمزاج وغيره ان المادة دموية توقع الطبيب الرعاف وان دلت على انها صفراوية توقع القئ في الأكثر اللهم الا ان تدل دلائل أخرى تخصه بالرعاف فكثيرا ما يكون بحرانه بالرعاف أيضا وتتقدمه خيالات صفر ونارية والرعاف المهول ربما استأصل مواد أمراض خبيثة وعافى في الحال واما بسبب جهة الحركة فلأنها اما ان تتحرك نحو الحمل على الأعضاء الرئيسة والتي
(٨٠)